الحقائق خلف التهديدات



إنّ ما كُشف عنه في نهاية الأسبوع بشأن التهديدات التي كانت أطلقتها حكومة اسرائيل تجاه سوريا، يدلّ على أن حمقى سياسة الحرب في اسرائيل لم يتعلموا شيئًا. وهم قد يقودون المنطقة الى أتون نيران جديد في كل لحظة.

محمّلة إياها مسؤولية أي تحرّك لـ حزب الله:

إسرائيل هدّدت سوريا قبل عدوانها المجزري على غزة


حيفا – مكتب الاتحاد - قالت مصادر إسرائيلية واوروبية أمس الأول الجمعة ان إسرائيل نقلت حديثا " تحذيرا" إلى سوريا عبر طرف ثالث من انها ستحمل دمشق المسؤولية اذا شن حزب الله هجمات على اسرائيل.
وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها ان التحذير نشأ إلى حد كبير من قلق إسرائيل من أن يطلق حزب الله دفعات صواريخ عبر الحدود لتتزامن مع اي هجوم إسرائيلي كبير في قطاع غزة.
وقالت المصادر إن الرسالة نقلت في شباط عبر وسيط اوروبي واحد على الأقل عقب اغتيال عماد مغنيّة، وقبل العدوان المجزري الذي استمر خمسة أيام هذا الشهر على قطاع غزة وقتل فيه أكثر من 120 فلسطينيا بينهم كثير من المدنيين.
وقال مصدر اوروبي مطلع على المسألة ان الرسالة التي نقلت إلى دمشق قالت إن إسرائيل يمكن أن تستهدف سوريا حتى اذا انطلق هجوم حزب الله من أرض لبنانية. وقال مصدر إسرائيلي على معرفة بشؤون الحكومة "نقلت الرسالة اواخر شباط تقريبًا".
ورفض مسؤول كبير في الحكومة الإسرائيلية على معرفة بالشؤون العسكرية التعليق على ما اذا كانت رسالة نقلت إلى دمشق. لكنه قال لرويترز "هذه استراتيجية سليمة. عمقت سوريا بصورة كبيرة مشاركتها مع حزب الله في جنوب لبنان منذ الحرب".
ولدى سؤاله عن خطر هجوم إسرائيلي على سوريا ردا على هجوم لحزب الله قال مسؤول بريطاني "يوجد دائما خطر ان يؤدي تحول في الأحداث هنا إلى إثارة شيء ما على الحدود الشمالية.. وهو ما سيكون كارثة."
وأضاف المسؤول "موت عماد مغنية والانتقام الذي هدد به حزب الله يتركان شبح صراع اقليمي اوسع." وهون المسؤول من فرص فتح مسار سلام إسرائيلي سوري في تلك الظروف.
وقال "يوجد اهتمام على الجانبين لكنني أعتقد ان المضي قدما بشأنه سيكون صعبا جدا." وأشار إلى العلاقات الوثيقة بين سوريا وإيران. وقال "فكرة اتفاق سلام إسرائيلي سوري أصبحت أكثر صعوبة."

لا جديد في السياق المباشر الذي جاء ضمنه هذا التهديد. فقد تفاعل الأمر الخطير حين كانت آلة الحرب الاسرائيلية تستكمل الإستعدادات لعدوانها المجزري الدموي على قطاع غزة. "تهديدها الاستباقي" يدلّ على أنها كانت على يقين من فظاعة ما هي مُقدمة عليه، لدرجة توقّع اشتعال "جبهة شمالية". لكنها مع ذلك مضت في غيّها، مضيفة الى ذلك توسيع رقعة التهديدات، وبالتالي المخاطر.
كان يحدث كلّ هذا، ولم يجف بعد حبر تقرير لجنة التحقيق في حرب لبنان. لكن الذاكرة القصيرة المؤسفة لمعظم المجتمع الاسرائيلي، لا تزال تتيح لحكّامه الاستهتار به والمقامرة بمصيره دون رادع من مسؤولية أو أخلاق. أما عن ادارة الظهر كالثّور للمنطقة وسائر شعوبها فحدّث ولا حرَج!

 

خلف هذه الصورة القاتمة، تطلّ مجددًا حقائق عدة. أولها أنه على الرغم من اللعب الاسرائيلي على حبليّ "المفاوضات" من جهة والاجتياحات من جهة أخرى، فلا تزال الغلبة للثانية. إن عقليّة الحرب والحِراب هي ما يقود متخذي القرار الاسرائيليين. أما الحقيقة الثانية، فهي أن ما تمارسه اسرائيل هو جزء من مشروع أكبر، هو المشروع الأمريكي في المنطقة وعنوانه هذه المرة إيران.
فقد صرّح مسؤول عسكري اسرائيلي كبير، فيما يتعلّق بذلك التهديد لسوريا، أن الأمر نابع من كون سوريا "تدعم الارهاب"، على حد تعبيره، وتسلك "كذراع لإيران". قبله كان مسؤول آخر قد أسهبَ في الوصف والتصوير لتحوّل غزة الى "فناء خلفي لإيران".
مجموع هذه المعطيات، اذا ما أضفنا اليه تحريك البوارج الحربية الأمريكية نحو شطآن لبنان وسوريا، يُنذر بشرّ قريب – شرّ أمريكي اسرائيلي جديد. وهو ما حذّر منه صراحة عسكريون روس قبل أيام، معتبرين هذا مؤشرًا على عملية عسكرية أمريكية في المنطقة.

 

إن صدّ توريط المنطقة في حرب جديدة هو مصلحة لجميع شعوبها. وهو ما يتطلّب مواجهة ورفض التحرّكات الأمريكية التي تتقنّع بمختلف الأقنعة. فلا يزال العدو الأكبر للمنطقة هو سياسة البيت الأبيض؛ تلك السياسة التي لا تدعمها حكومات اسرائيل فحسب، بل أنظمة عربية كثيرة خانعة تسير في الركب الأمريكي ضد مصلحة شعوبها. إننا نأمل ونناشد ونطالب بأن لا تتّسع قائمة هذه الأنظمة الخانعة وتطول، وبالتأكيد ليس بأيّ تعزيز فلسطينيّ لا يزال أصحابه يحلمون "بالعسل من الدبّور".

(الاتحاد)

 

الأحد 16/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع