القمة العربية: دمشق تسلم الدعوة إلى السنيورة في بيروت



*«اشتباك محدود» في دكار ينتهي بتجديد «التوافق» على المبادرة العربية!*

حمل «الصمت السياسي» في طياته، بداية استشعار محلي لهوامش تضيق الى درجة الاضمحلال، مثلما بيّن أن أي طرف لا يملك حتى الآن، أجوبة حول ما يزنر لبنان من تطورات كبرى ومن بوارج أميركية، بل مجرد تساؤلات وتحليلات كان آخرها ما أوردته وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي»، على لسان خبراء عسكريين اعتبروا «أن ظهور السفن الحربية الأميركية عند شواطئ سوريا ولبنان يقدم دليلا على الاستعدادات الجارية لشن عملية عسكرية أميركية ما في المنطقة».
وفيما حاول البعض أن يضع الصمت المتمادي في خانة الدبلوماسية التي تعمل بعيدا عن الأضواء، فإن البعض الآخر، رأى فيه «هدوء ما قبل العاصفة»، ولكن المؤشرات على الأرض، وخاصة في منطقة الجنوب اللبناني، أظهرت أن لا إجراءات فوق العادة من الجانبين الإسرائيلي والدولي، بينما ظلت المقاومة على وتيرة إجراءاتها الروتينية التي أعقبت استشهاد المقاوم عماد مغنية.
وفي انتظار دعوة لبنان رسميا الى قمة دمشق، عن طريق زيارة يقوم بها وفد رسمي سوري (لم يتحدد مستواه بعد) في غضون الأيام القليلة المقبلة، ويسلم خلالها الدعوة رسميا الى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، باعتبار «أن لبنان ليس استثناء عن باقي الدول العربية» حسب تأكيد السفير السوري في القاهرة يوسف الأحمد، استقبلت العاصمة السنغالية، عشية بدء أعمال القمة الاسلامية، الرئيس السنيورة «استقبال الرؤساء»، فيما تم تنظيم برنامج لقاءات يليق أيضا بالرؤساء، واستهله رئيس الحكومة بلقاء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والرئيس الفلسطيني على أن يشمل اليوم عددا من زعماء وقادة الدول الاسلامية.
وأعلن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد المشارك في أعمال القمة الإسلامية في دكار عن «محاولة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة تسويق صيغة تحمل تغييرات للمبادرة العربية بشأن لبنان خلال قمة دكار» (الأولوية لانتخاب رئيس الجمهورية وتأجيل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية)، لافتا الانتباه الى «تصدي الوفد السوري وعدد من وفود الدول المشاركة في القمة لمحاولة حكومة السنيورة هذه»، ورأى ان «هذا دليل على ان الجهات التي وافقت على المبادرة العربية لم تكن صادقة بل تعمل على نسف المبادرة بمختلف الوسائل المتاحة».
ووزع المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة ليل أمس بيانا جاء فيه أن الوفد اللبناني في قمة منظمة المؤتمر
الإسلامي «أحبط محاولة سورية لافتعال مشكلة مع لبنان عبر التدخل في صياغة الفقرة المتعلقة بالتضامن مع لبنان في البيان الختامي، مما خلق ارتباكا كبيرا في المؤتمر وأخر جلساته المسائية نحو ساعة ونصف ساعة، لكن الأمر انتهى إلى إقرار المؤتمر للصيغة التي وافق عليها لبنان وكانت باقتراح من اليمن».
ووزع المكتب الإعلامي نص الفقرة التي وافق عليها لبنان واقترحت من قبل اليمن كحل وسط وكان الوفد السوري قد اعترض عليها، وتضمنت الآتي:
«التأكيد على دعم المبادرة العربية لحل الأزمة اللبنانية ودعوة القيادات السياسية اللبنانية إلى إنجاز انتخاب المرشح التوافقي في الموعد المقرر والاتفاق على أسس تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بأسرع وقت ممكن بما يمنع التداعيات الناجمة عن عدم انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان وبما يمنع الانقسامات ويضمن وضع لبنان على طريق الوحدة والأمن والاستقرار».
وتحدث ممثل لبنان الأمين العام لوزارة الخارجية السفير بسام نعماني معتبرا أن ما صدر عن الدكتور فيصل المقداد من مواقف «هو بالضبط ما نشكو منه ونعانيه من تدخل في شؤوننا الداخلية واتهام لمسؤولينا بما يعقد الحلول التي نعمل عليها صادقين، وفي هذا أساس النيل من المبادرة العربية وتعطيلها».
إلى ذلك، وصل إلى دمشق أمس وفد من الجامعة العربية برئاسة الأمين العام المساعد للشؤون الإدارية السفير سمير سيف اليزل، في زيارة تستغرق يومين هي الأخيرة قبيل انعقاد القمة، وتأتي في إطار الاطلاع على آخر الاستعدادات اللوجستية والإجرائية في العاصمة السورية.
وأوضحت المصادر أن الفرنسيين حاولوا القيام بخطوة ما باتجاه الإيرانيين في خطوة استباقية لاحتمال فشل المبادرة العربية، لكن طهران اعتذرت عن عدم استقبال الموفد الفرنسي كلود كوسران «لأنه تبعا للتجربة السابقة معه، فهو يملك صلاحية التشاور ولكنه لا يملك صلاحية البت والإجابة عن أسئلة محددة ولذلك تم تعليق الاتصالات في انتظار أن يتخذ الفرنسيون قرارا بإيفاد وزير خارجيتهم برنار كوشنير في أسرع وقت ممكن وعندها يتم التباحث في مجمل الملفات وليس في ملف لبنان وحده».
وأشارت المصادر الى أن اللقاء الأخير في القاهرة بين وزيري خارجية السعودية وإيران تميز برسالة إيرانية مفادها أن كل القضايا قابلة للبحث ومفتوحة بين الجانبين «ولكن الخط الأحمر هو محاولة استهداف النظام السوري».
بدوره أعلن السفير الروسي في بيروت سيرغي بوكين أن روسيا تأسف لاستمرار الأزمة السياسية في لبنان والفراغ القائم في سدة الرئاسة، وكشف أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، سيأتي الى لبنان في الأسبوع المقبل في إطار جولة على عدد من عواصم المنطقة (تشمل دمشق ورام الله وتل أبيب) للمساعدة في الجهود من أجل التوصل الى حل للازمة اللبنانية، مبديا ارتياحه الى كون المبادرة العربية قائمة وجهود الامين العام للجامعة مستمرة، داعيا جميع الفرقاء «الى إيجاد حل وسط مبني على صيغة لا غالب ولا مغلوب، والعمل من أجل إعادة الاستقرار السياسي وانتخاب رئيس جديد». وختم بوكين بالقول «إنني على يقين أن الفرصة لا تزال سانحة».

الخميس 13/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع