خطوة في الجسد



     "خطوة في الجسد" رواية حسين علام حازت على جائزة مالك حداد سنة 2005.. وهي من منشورات الدار العربية للعلوم والاختلاف- الجزائر العاصمة ط.1 2006 م..1427 هـ.- تذكّرنا برواية ذاكرة الجسد، الأولى في ثلاثية أحلام مستغانمي التي تليها فوضى الحواس ثم عابر سرير. ولم تكن مفاجأة ان اقرأ في صفحاتها الأولى أن هذه الرواية- خطوة في الجسد الحائزه على جائزة مالك حداد كما جاء- هي من منشورات الاختلاف أيضًا.. مما يعني لي؛ الحق الطبيعي لأي كان في الإختلاف ،له الحق أن يكون مختلفا، أي أنه علينا أن نتقبل الآخر كما هو، وأن الآخر دائما محتلف. ويتبين فيما بعد أن هذه الجائزة كانت فكرة أحلام مستغانمي.
     والرواية هي عبارة عن "حكاية يوسف وباية البجّاوية" التي صارت على كل لسان وجرت كما النار في التبن أو في كومة من العوسج.. هل لأنها ممنوعة عن الناس بسبب إرتباطها بالدولة؟ ولأنها حكاية.. فكل راوٍ يضيف لها من عنده شيئًا. أما الحقيقة  فتقبع في رعب أهل تلمسان.. عندما إكتشفوا ذات صباح بارد جثة إمرأة مفصولة الرأس عن الجسد. كان رأسها ذا الشعر الغزير لا زال ملمومًا في قبّعة الصوف السوداء.. ومن لباس الجسد ومن السروال الكلاسيك الأسود ومن معطف الفلانير الثمين، كان يبدو أن هذه المرأة بنت عائلة!
     منذ البداية يصعقنا الكاتب بهذه الحادثة، ويصف لنا حال الممرض وبنعمر إلى جانبه.."الممرض الذي كان يعيد رتق الرأس إلى الجسد" يشتم رائحة زيت الزيتون عندما "كان يغرز الإبرة المعتوقة الغليظة في اللحم الأبيض للرقبة التي غسلها من الدم أولا، ثم راح يخيط الجلد بالإبرة التي لم تكن لتنفذ الا بجهد". ص13.
قال الممرض لبنعمر:"لا بد أنها تصارعت معهم وتخبطت وهي تذبح..." شحمة الأذن اليسرى مشطورة إلى قسمين وقرط الفضة الواحد في أذنها اليمنى... قال بنعمر: نعم. وبكى.
من هنا نعرف أن لبنعمر علاقة بالموضوع.. لكنه لا يعلن ذلك خوفًا من الوجوه الملثمة من جهة ومن الدولة من الأخرى.. لأن دوره سيحين فيما بعد. ربما يجد تحت باب بيته رسالة تهديد.. ربما  معها دعوة لكي يحضر أو سيجد كفنًا وقارورة عطر رخيص.. ثم يشرع الناس في الابتعاد عنه.. يبقى وحده "يتنفس الخوف" ويبحث عن ذنبه فلا يجد... ثم... ذبحوا فلانا.. الله يرحمه!
     بنعمر وحده يعرف الحكاية.. ولا يجرؤ.(ص17). وتدور أحداث الرواية، فيها يجتمع بنعمر وحسان ساعي البريد الذي أورثه والده فرنا وسبيمان والجيلالي الرونكو كيّاس الحمّام... وما أدراك ما الحمّام وأسرار الحمّام وأنواع البشر وسلوكياتهم في الحمّام...
ويدور الحدث في الفرن بليلة باردة يتدفأ الأصحاب على الحطب لأن الغاز في بلد الغاز مقطوع. ينضم حميدو الواسيني.. وتفتح زجاجات النبيذ الرخيص وتدور كؤوس التدفئة الأخرى. لكل واحد منهم قصته لكن تبقى القصة الأساس- حكاية يوسف وباية. وعمليًا تبدأ الرواية من خلال أوراق مكتوبة بخط يد يوسف يفض بكارتها بنعمر بعد إلحاح شديد..بعد أن يشترط أولا عدم المقاطعة وثانيًا أن يقرأ هذه المذكرات كيفما اتفق .. فيما تأكل هذه المدن السائبة أولادها بشراسة وجنون.
     إلى هنا أترككم في هذا الصباح.. كي يعود من يريد الإستزادة إلى حكاية يوسف وباية-خطوة في الجسد- الحكاية القاسية جدًا.. الممتعة جدًا... وذلك حتى لا أحرمكم من متعة القراءة في ليلة شتائية باردة.

وليد الفاهوم
الخميس 13/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع