هل حقا الشرطة عاجزة عن ايقاف جرائم القتل في ام الفحم!!



* أين دور السلطة المحلية في حماية المواطنين وتوفير الامن والامان للجميع *

مدينة ام الفحم، البالغة من السكان حوالي 50,000 مواطن والتي تحولت بين عشية وضحاها من بلد فلاحي، يعتمد اهله على الزراعة بالاساس تحولت الى بلد عمالي بسبب النكبة التي حلت بشعبنا العربي الفلسطيني عام 1948 والتي رافقها نهب اراضيها.

بركة يطلب بحثا لجرائم القتل في أم الفحم في لجنة الداخلية البرلمانية

القدس- لمراسلنا البرلماني- بعث النائب محمد بركة، رئيس كتلة الجبهة الدمقراطية البرلمانية، يوم أمس الثلاثاء، برسالة إلى رئيس لجنة الداخلية البرلمانية، النائب أوفير بينيس، طالبه فيها بعقد جلسة خاصة للجنة لبحث قضية جرائم القتل المتلاحقة في مدينة أم الفحم، دون الكشف عن الجناة.
وجاء في رسالة بركة، أنه في العامين الأخيرين قتل في مدينة أم الفحم ثمانية أشخاص، من بينهم اثنان في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، وهما الشابان فادي اغبارية (21 عاما) في الأسبوع الماضي، وحسام اغبارية (31 عاما) قبل حوالي ثلاثة أسابيع.
وأضاف بركة في رسالته: "إن أيامًا طويلة مرّت منذ ارتكبت هذه الجرائم، ولم يتم الكشف عن الجناة فيها، ويلاحظ انتشار خطير للأسلحة، ليس في أم الفحم لوحدها بل في عدد من المدن والقرى العربية التي نشهد فيها نسبة عالية من الجرائم"، وعليه طلب بركة إجراء بحث لهذه القضية، كون أن اللجنة تشرف أيضا على عمل الشرطة.
وقال النائب بركة في بيان لوسائل الإعلام، إن "تقاعس الشرطة في معالجة وقضايا الجرائم الجنائية بشتى أنواعها في المدن والقرى العربية، هو ظاهرة ممتدة على سنوات، وهذا يثير القلق والشبهات بأن الأمر متعلق بلا مبالاة بناء على توجيهات عليا لضرب المجتمع العربي من الداخل، وبمثل هذه الآفات الخطيرة".

ام الفحم كانت تملك اكثر من 140 الف دونم، اصبحت تملك الآن 20,000 دونم ونيف، ورغم ان ام الفحم، اصبحت مدينة الا انها لا تملك المقومات الضرورية لمكانة مدينة، سوى عدد السكان. البنى التحتية متخلفة جدا، لا يوجد فيها منطقة صناعية، ولا يوجد فيها مصانع جدية بل ورش عمل صغيرة بالاساس. رغم كل التطور الذي حدث في السنوات الاخيرة من الناحية الاقتصادية، وبالاساس في مجال التجارة والخدمات، الا ان الاكثرية الساحقة من اهل المدينة يعتمدون على بيع قوة عملهم، خارج ام الفحم، بعيدا عنها. فأهالي ام الفحم، يعملون على طول البلاد وعرضها، من مدينة ايلات في الجنوب حتى رأس الناقورة شمالا.
في الماضي غير البعيد، كانت ام الفحم تسمى بالفندق الكبير، لأن اكثرية الرجال، والشباب يغادرونها مع بزوغ الفجر ويعودون اليها مساء في معركة الجهاد الاكبر، معركة ايجاد القوت لعائلاتهم، معركة البقاء والتطور. رغم اننا نعيش في القرن الواحد والعشرين، فان وضع ام الفحم لم يتغير بشكل جذري، ما زالت ام الفحم فندقا كبيرا لأهلها وعمالها. في السنوات الاخيرة وبالذات بعد بناء جدار العزل والضم وبسبب بشاعة ممارسات الاحتلال وخاصة في الضفة الغربية المحتلة، جرت عملية هجرة قسرية الى مدينة ام الفحم من مدن وقرى قضاء جنين بالاساس، ومن باقي مدن وقرى الضفة الغربية.
ام الفحم مثلها مثل العديد من المدن والقرى العربية في اسرائيل، دُنست بقدوم وبتوطين العديد من العملاء الذين تعاونوا مع الاحتلال البشع ضد ابناء شعبهم وضد اهلهم. مما لا شك فيه ان مدينة ام الفحم تتأثر بشكل مباشر من التحولات الاجتماعية الطبقية في اسرائيل وتتأثر من الناحية الاخرى مما يجري في الاراضي الفلسطينية المجاورة بايجابياته وسلبياته على الصعيد الاجتماعي. في الماضي القريب كان من الصعب الحديث عن اجرام منظم او عن اطلاق نار على المواطنين، ناهيك عن عمليات قتل.
اهالي ام الفحم كانوا يتفاخرون ان ام الفحم هادئة، وادعة، لا تعاني من العنف او الجرائم وبالذات المنظم، لكن للاسف الشديد فالآية انعكست في السنوات الاخيرة تصاعدت وتيرة العنف والجريمة في ام الفحم لدرجة اصبح كل فحماوي شريف يخجل بها. هنالك اسباب كثيرة لانتشار ظاهرة العنف والاجرام في مدينة ام الفحم في جوهرها، نفس اسباب انتشار الجريمة في البلاد كلها. في مقالة سابقة تطرقت للاسباب الطبقية لظاهرة العنف، لذلك لا ارى من الضروري التوسع في الحديث عن هذه الخلفية. ما اريد ان اتوقف عنده هو دور الشرطة، والسلطة المحلية بالتصدي لانتشار هذه الجريمة.
من الواضح تماما انه ليس بمقدور الشرطة اجتثاث ظاهرة العنف في المجتمع الطبقي، خاصة في مرحلة اتساع الاستقطاب الطبقي والاجتماعي لأنها صفة ملازمة لهذا النظام، الا انه بامكان الشرطة الحد من انتشار الجريمة من خلال مكافحتها بجدية وحزم، وبضرب اقطاب الاجرام المنظم وليس الاكتفاء بملاحقة المجرمين الصغار.  المشكلة ان الشرطة تتعامل بمكيالين واكثر في مكافحة الجريمة، ملاحقتها للجريمة في الوسط اليهودي اكثر جدية من ملاحقتها للجريمة في الوسط العربي، وذلك تمشيا مع سياستها العنصرية، وتمشيا مع سياسة "فخّار يكسر بعضه البعض".
اهالي ام الفحم اكتووا بنار الشرطة في يوم الروحة، ويوم القدس، هبة اكتوبر وغيرها من الايام الكفاحية، في هذه المناسبات اثبتت الشرطة ان لديها القوة للبطش والقتل وانها تتعامل معنا من خلال فوهة البندقية. اما فيما يتعلق بمكافحة الجريمة، فهي تتعامل بقفازات من حرير، هل يعقل انه خلال سنوات قليلة سقط ستة قتلى داخل مدينة ام الفحم وحتى الآن لم "تستطع" الشرطة القاء القبض على القتلة وتقديمهم للعدالة!!
اطلاق الرصاص في الليالي اصبح شيئا عاديا في مدينة ام الفحم، ناهيك عن اطلاق الرصاص على البيوت والمصالح، او عمليات السطو في الليل والنهار. عندما انشئت محطة للشرطة في مدينة ام الفحم، برّر المؤيدون لهذه الخطوة، بان وجود محطة شرطة في مدينة ام الفحم سوف يخدم المواطنين وسيقدم لهم قسطا وافرا من الامن والامان، النتائج على ارض الواقع العملي اثبتت عكس ذلك تماما. تصوروا لو عانت مدينة العفولة المجاورة لأم الفحم من عمليات قتل وسطو واطلاق نار بالوتيرة التي تعاني منها ام الفحم، ماذا كانت ستفعل الشرطة!! مما لا شك فيه ان وزير الامن الداخلي وربما رئيس الحكومة، سوف يتدخلان وستصبح القضية اوسع من مجرد قضية محلية، بل قضية وطنية عامة.
يحاول المسؤولون في الشرطة الادعاء، بأنهم فشلوا حتى الآن بالكشف عن المجرمين لأن الاهالي لا يتعاونون مع الشرطة. للأسف الشديد ان هنالك متعاونين كثرا مع الشرطة واجهزة الظلام ضد ابناء شعبهم، المطلوب هو ليس ان يصبح الاهل عملاء للشرطة، المطلوب ان تقوم الشرطة بدورها في مكافحة الجريمة وبجدية وان لا تتخذ من الجريمة اداة لشراء الذمم وتجنيد المتعاونين والعملاء.
المطلوب من البلدية، وضع برامج تطويرية في الخدمات العامة حدائق عامة، ملاعب في الاحياء، تشجيع الرياضة، الفن، من غناء، فرق دبكة، مسرح، لكي يجد الاهل وبالذات الشبان والشابات، المؤسسات التي تستوعبهم وتبعدهم عن الرذيلة والتسكع في الطرقات حيث يصبحون لقمة سائغة بأيدي عالم الاجرام.
المطلوب من البلدية المطالبة بجدية من السلطة المركزية، وزارة الامن الداخلي، الشرطة القيام بواجبها ووضع حد لانتشار الجرائم الخفيفة والثقيلة. على البلدية عدم الاكتفاء بمناشدة، او استجداء الشرطة، بل القيام بخطوات كفاحية جماهيرية لاجبار السلطة على القيام بدورها والكشف عن القتلة والمجرمين وتقديمهم للقصاص.
من الواجب تصعيد المعركة الجماهيرية، مثل اصدار البيانات وفضح دور الشرطة وتحميلها المسؤولية عما يجري، واذا لزم الامر التهديد بالاضراب بدءا بالمؤسسات البلدية، تعطيل الدراسة ومن ثم القيام باضراب في المدينة واغلاقها. من الضروري طرح تقاعس الشرطة، ليبحث الامر في اطرنا القطرية، مثل لجنة المتابعة. القضية التي نحن بصددها، اصبحت ظاهرة متفشية في كل مدننا وقرانا. اية مدينة او قرية عربية لا تعاني من انتشار السلاح المرخص وغير المرخص!! لماذا لا تتحرك الشرطة للم السلاح غير المرخص؟!! تصوروا لو استعمل هذا السلاح ضد "امن" الدولة او حتى ضد اناس يهود من العالم السفلي، ماذا كانت ستفعل الشرطة!! حينها كانت ستكشر عن انيابها الحقيقية الجارحة. كانت ستعتقل القتلة المجرمين من ناحية، وستحرض على الجماهير العربية عامة من الناحية الاخرى، كانت ستستمر بالتحريض على مدينة ام الفحم واهلها بالاساس، لأنه للاسف الشديد اصبح التحريض على مدينة ام الفحم واهلها زادا يوميا لوسائل الاعلام، الرسمية وغير الرسمية، ولاعضاء الكنيست اليمينيين الفاشيين. ليبرمان ومن هم على شاكلته اقترحوا، الاصح يطالبون بترحيلنا من وطننا الذي لا وطن لنا سواه، لكنهم سيموتون وحسرتهم في قلوبهم، لم نرحل ولن نرحل من وطن الآباء والاجداد.

(ام الفحم)

مريد فريد *
الأربعاء 12/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع