لقاء رفيق في الموقف



"رب صدفة خير من الف ميعاد"، صدفة ضاعفت من فرحتي وسعادتي، فبالصدفة تواجدت وزوجتي في فندق ريجانسي بعمان الاردنية للمشاركة في حفل تخرّج ابنتنا من الجامعة في هذا الوقت المحدد من مطلع شهر آذار، وبالصدفة، وفي هذا الوقت المحدد تواجد في الفندق رفيق درب لم اره منذ اكثر من عشرين سنة، انه اللبناني "حسن" رئيس احدى جمعيات المجتمع المدني، جمعتنا واياه سنوات من العمل المشترك في اطار اللجنة التنفيذية لاتحاد الشباب الدمقراطي العالمي وفي المنظمات غير الحكومية المناصرة لثوابت الحقوق الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف، كنا اعضاء في سكرتاريتها الدائمة. لمحني من بعيد "ادورج" على العربة المتنقلة ولم تصدق عيناه ما يرى، اسرع بخطاه نحوي ولسانه يلهج بسؤال يتأرجح بين الشك واليقين هل انت من المقاتلين في الوكر الصهيوني وعرفته من ضحكته الاشبه بكعر السناسل، فأجبت وهل انت حسن المتوالي الشيوعي بثياب الشيعة!! ما اثار دهشتي انه يتابع اخبار نضالنا وقضايانا من موقع الجبهة على الانترنت. ولم يغير حسن موقفه ووجهة نظره من حزبنا وجبهتنا رغم مرور الكثير من السنوات، فرأيه كان دائما، ان موقف حزبنا في قضية الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني – العربي وفي بلورة المخرج من أتون هذا الصراع وصياغة الحل الواقعي، هذا الموقف الاكثر واقعية ومصداقية من مختلف المواقف القومجية المبالغة في المزايدة الفارغة. وفجأة سألني حسن: هل تعتقد ان نظاما مثل الاحتلال الاسرائيلي يتوعد ويهدد الشعب العربي الفلسطيني بالمحرقة، بمعسكرات الابادة وافران الغاز لابادة البشر من المدنيين والمقاومين، اهل للتعايش والسلام والحياة المستقبلية في هذه المنطقة! اجبت، لن يكون مصير الاحتلال الاسرائيلي افضل من مختلف الاحتلالات الاستعمارية والهتلرية الفاشية النازية الهمجية، عزاؤنا ان الشعب العربي الفلسطيني لا يركع، يدفن شهداءه وينهض مواصلا المسيرة حتى انجاز حقه الوطني في الحرية والدولة والقدس والعودة.
قال حسن، لبناننا ومنطقتنا يواجهان ظرفا مصيريا من جراء البرنامج العدواني الاستراتيجي الامريكي لتدجين المنطقة ولبنان امريكيا. وتتدخل امريكا بشكل فظ في الداخل اللبناني لعرقلة وافشال الوفاق الوطني وانتخاب رئيس للجمهورية وحكومة وحدة وطنية. وتعتمد في تدخلها على دواجنها وارانبها من مجموعة 14 آذار اللبنانية وعلى التهديد بالبلطجة العدوانية العسكرية وبالتدخل العسكري في لبنان عن طريق قطعها الحربية وبوارجها العسكرية القريبة من الشواطئ اللبنانية.
ان مهمة ومسؤولية جميع القوى الوطنية التي يهمها الدفاع عن المصالح الحقيقية لشعوبها وبلدانها تتلخص في الحرص على تبنّي وصيانة امرين اساسيين، الاول، رص صفوف الوحدة الوطنية الكفاحية الممهورة ببرنامج سياسي متفق عليه وواضح المعالم في موقفه ومدلوله السياسي ضد الهيمنة الامبريالية الامريكية وبرنامجها الاستراتيجي العدواني بتواطؤ وعمالة القوى الرجعية والمتخاذلة وانظمتها المتعفنة. والامر الثاني، رفع مستوى التضامن الكفاحي والتنسيق والتعاون بين مختلف القوى الوطنية والتقدمية واليسارية ضد الامبريالية وطابعها العولمي الهمجي الاقتصادي والعسكري، وخاصة ضد العولمة الامبريالية الامريكية التي تمارس عمليا عولمة ارهاب الدولة الامريكية المنظم عالميا وفي منطقة الشرق الاوسط.
قلت صحيح يا حسن انه عُقد العديد من اللقاءات على نطاق منطقة حوض المتوسط بين مختلف القوى الثورية للتباحث حول سبل رفع مستوى التضامن لمواجهة خطى العولمة الرأسمالية واستراتيجية العدوان الامبريالية – الاسرائيلية في المنطقة، ولكن آن الاوان لانهاض قوى اليسار الحقيقي وعقد اجتماع منطقي لهذه القوى من بلدان الجوار والمواجهة مع ذئب العدوان الاسرائيلي للبحث سوية حول افضل السبل الناجعة لتجند اوسع جبهة كفاحية ضد قوى العدوان ومن اجل ضمان الامن والاستقرار والسلام لجميع شعوب وبلدان المنطقة، بما فيها الحرية والاستقلال للشعب الفلسطيني. مبروك لابنتك بالتخرج، نتمنى لقاء آخر ولو بالصدفة ولكن في ظروف افضل قال حسن وقام مودعا.
د. أحمد سعد
الأربعاء 12/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع