جنين محمد بكري



محاولة خنق الصوت الإنساني الدمقراطي الذي يتصدى للممارسات القمعية في هذه البلاد ليست جديدة. ومراجعة سريعة لكتاب عرب جيدون (لهيلل كوهين) نتعرف على أساليب وطرق هذا القمع التي مورست في السابق، وتمارس اليوم ضد الشيوعيين وحلفائهم وضد القوى الوطنية والديمقراطية  منذ النكبة وحتى اليوم. ومن الأساليب القمعية المشهورة، غير الاعتقال والإقامة الجبرية وتطبيق قوانين الطوارئ، فصل الشيوعيين والديمقراطيين من أماكن عملهم ومنعهم من كسب لقمة عيشهم، عرقلة تطويرهم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بكل الطرق والأساليب الحقيرة والرخيصة، ووصلت الوقاحة بأصحاب هذا النهج وأذرعهم بالتدخل بالتناسب والزواج والتكاثر، وفي اغلب الأحيان بطرق زعرنة لا يتقنها إلا من هو على شاكلتهم.
يمكننا إدراج قضية المبدع الفنان محمد بكري مع الجنود الخمسة، الذين شاركوا في الهجوم على مخيم جنين، في احدى الحانات القمعية التي تخص الاحتلال. من الصعب على العقل العادي استيعاب المعادلة المطروحة، سمعتهم وتشويهها والتي تساوي 2.5 مليون شاقل مقابل عدم  استنكار قتل العشرات لا بل المئات من الفلسطينيين المدنيين أطفال، نساء وشيوخ وعشرات الفلسطينيين في الجليل والنقب والمثلث والساحل.
"تشويه سمعة" خمسة جنود يخدمون في جيش الاحتلال تساوي............ أما قتل الأبرياء فمسألة لا يوجد فيها حتى نظر.
ألصمت الذي يرافق هذه الممارسات ضد الفنان بكري وضد فلمه "جنين جنين" اقل ما يقال فيه بأنه عدم مبالاة ستوصلنا إلى مهاوي الخراب العقلي والدمار النفسي لأنها ستحل في كل واحد منا فردا فردا.
سمعة الجنود الخمسة وغيرهم من الجنود الخادمين في جيش الاحتلال شُوهت بشكل أساسي من الاحتلال والاحتلال فقط، وليس من إبداعات البكري وأبطال فيلمه لان الإبداع، أي إبداع، خصوصا إذا كان ملتزما لا يملك أدوات التشويه ولا يفرز إلا التوافق والراحة والتعاطف. بعكس الاحتلال وموبقاته التي تفرز الإرهاب، تحاصر الدمقراطية والحضارات وتدمر نفسيات ليس الذين تحت الاحتلال فقط إنما أيضا نفسيات المحتلين أنفسهم، أمهاتهم، آبائهم وعائلاتهم.
افرازات الاحتلال التي تحاصر الإبداع وتدمر التطور الإنساني وتعرقل تقدمه إلى الأفضل، هي افرازات تحاصر أولا الظالم قبل المظلوم والقاتل قبل المقتول وتخزن في خلايا عقل الممارس طاقات هدامة ستنفجر في مناسبات غير محسوبة لتدمر نفسها وحاملها ومن حولهما.
ولأنني ارفض بشكل قاطع شل عقلي وتدمير نفسيتي، ها أنا اشد على يدي المبدع محمد بكري وأبوس الأرض خصوصا ارض مخيم جنين.
محمد بكري لن نسمح بان تبقى وحدك نحن معك، أنت لست وحدك، لست وحدك. 

مفلح طبعوني
الأحد 9/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع