مسّ خطير بالدمقراطية



للمرة الثانية خلال أسبوع، تقوم السلطة، بواسطة جهاز الشرطة، بمنع نشاط سياسي يساري في البلاد. فقبل أسبوع منعت إقامة حفل تأبين حكيم الثورة الفلسطينية الراحل جورج حبش في الناصرة، بزعم أنّ منظمي الحفل جهة "إرهابية". وفي نهاية الأسبوع منعت إقامة مظاهرة حركة النساء الدمقراطيات السنوية بمناسبة الثامن من آذار في تل أبيب. هذه المرة بحجّة العملية التي وقعت يوم الخميس في القدس.
إنّ سهولة إقدام الشرطة على اتخاذ إجراءات تمسّ حرية التعبير والنشاط السياسي في البلاد، هو أمر خطير ينبغي التوقف أمامه، لوقفه. فالشرطة عامةً، وشرطة إسرائيل التي تتجذّر فيها عقلية القمع العدوانية والعنصرية خاصةً، لا تضع نصب أعينها قيمًا دمقراطية. فهذه القيم غريبة وبعيدة عنها. والمقلق أكثر هو تواطؤ جهاز القضاء وحتى محكمة العدل العليا مع هذه الإجراءات غير القانونية وغير الدستورية، تيمُـنًا ببقرة "الأمن" المجنونة/ المقدّسة.
إن ما يشهده المجتمع الإسرائيلي من انزلاق خطير نحو الفاشية، يجب أن يقلق كل الدمقراطيين الحقيقيين في هذه الدولة، عربًا ويهودَ، بما في ذلك كل القلقين على مكانة السلطتين التشريعية والقضائية.
وفي مقابل التآكل المتسارع في الهامش الدمقراطي، والذي قد تكون الجماهير العربية أولى ضحاياه لكن ليس آخرها بالتأكيد؛ فمن الملاحظ أن الخطاب العنصري الصريح يصبح أكثر وأكثر شرعية ومركزية في إسرائيل، وسموم التحريض الدموي التي ينثرها ليبرمان وإيتام وأشباههما من غلاة اليمين الاستيطاني الفاشي تندرج ضمن "حرية التعبير" وتحظى بحماية المستشار القضائي للحكومة. فيما تُنتهك الحريّات الأساسية للجماهير العربية والقوى التقدمية اليهودية، وأي صوت يخرج عن الإجماع الصهيوني الآخذ في التطرّف.
إننا إذ نرفض هذا المسّ الخطير بالدمقراطية ونحذر من إسقاطاته؛ نؤكد أن مثل هذه الإجراءات لم تثننا في الماضي ولن تثنينا في المستقبل عن مواصلة رفع صوتنا، الوطني واليساري والتقدّمي، في جميع القضايا. هذا الصوت سيبقى مجلجلا وسيخترق كل الحواجز، شاء من شاء وأبى من أبى.

(الاتـــــــــحـــــــاد)

الأحد 9/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع