"ألقيمة" سلاح خفيّ؟!!



"هذا عالم يحيّر مَن يراه" حقيقة أطلقها شاعر الانسانية والمبدع الانسان ناظم حكمت، ليصور بصدق وأمانة طبيعة هذا الزمن المعتم، زمن الدمّلة الخبيثة. الذي يلقي بكل أثقال همومه على صدور الملايين من ابناء اسرة شعوب هذه الارض الطيبة.
ولأننا كعرب، نشكّل احد الاعضاء الرئيسة في جسم عائلة هذا الكون الكبيرة، لذلك "نابنا" من هذه التراجيديا البشرية نصيبنا الدسم، وأنا لا ابالغ قارئاتي قرائي الكرام، اذا اكدت ان هذه الحالة المفخخة، اصبحت كالسيف الملغوم فوق رقابنا، فان لم نسارع ونقطعه سيقطعنا!!
ولا يساورني ادنى شك اننا كفلسطينيين، يحق لنا "ان نفاخر" اخوتنا؟!! ألم نفز "بحصة الاسد من هذه الكعكة المأساة"؟!!
وانا حينما اسجل قولي هذا، لا اقصد من ورائه كسر المعنويات او تثبيط العزائم، او الهروب من الواقع الى الغيب والمجهول، انما اتكاء على ايماني ان قول "الصح" لم يعد آفة، لذلك لا بد من فضح ما يعتور حياتنا من سلبيات بكل الوانها، حتى ندني الحقيقة، مهما كانت مرة، الى فهم الجميع..
ألسنا اخواتي اخوتي، لم نزل نعيش وعيا ممزقا يفرز باطراد متنام واقعنا المعوّق؟!! أما زلنا، كأفراد وكمجتمع، نستنشق يوميا "سموم" بيئتنا الكابحة اللاجمة التي تفرض التشتت والتفتت والتشذير والانغلاق؟!! لتكون النتيجة ان واقعنا اصبح ومنذ عقود، يتوالد معطوبا!!
هذا من جهة، ولكنني واثق من الناحية الاخرى، ان الكثيرين منا، ومن خلال قناعتهم المعمّقة، بان الوعي هو مبدأ المعرفة وهو  وجود الانسان الحضاري، لذلك، وفي دفيئة الحوار الداخلي المتبادل بين ما هو ذاتي وما هو موضوعي، يفكرون كثيرا في قضايا الوجود والمصير بهدف صياغة مشروعهم الفكري ليكون معبرهم الآمن والامين الى "الضفة الاخرى". وأنا، عزيزاتي اعزائي، اقول، بكل تواضع، اذا لم نُضف الى سبحة سعينا للخروج من هذا الواقع التعيس، التفكير كثيرا في "القيمة" ستبقى رؤيتنا لذاتنا وللعالم تعاني من التشوش، فالقيمة، كاللغة، هي الرحم الحقيقية التي تولد منها روح الحضارة وجمالياتها. اذًا، كيف يمكن للعربي بعامة وللفلسطيني بخاصة الذي يكافح من اجل تطويع الوجود وبناء الغد الافضل والبديل، ان ينال ذلك، اذا لم تكن الحرية، كقيمة كل القيم تسكنه خندقا وسلاحا وبوصلة؟!!
فصباح الخير الى بناة الغد الذين سيحملون اسم القيمة شارة على صدورهم وصليبا على اكتافهم ويرفعونها جدارهم الاخير، حتى لا يبقى سعيهم حلقة مفرغة مغلقة، بل يصبح فضاء منفتح الشبابيك والابواب للخروج منها الى الحياة الحديقة التي يحكمها الجمال والورود والعصافير والجداول والحبّ الكبير..
رشدي الماضي
الخميس 6/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع