"شو بعد بدكو يا دروز"!!



لفت انتباهي صدفة عنوان في مجلة مجنّدة حول نشاطات وانجازات ما يسمى المجلس الديني الدرزي، ترددت كثيرا ثم قررت ان اقرأه علني كنت مخطئا او ان هناك انجازات جبارة يقوم بها المجلس الذي عين بناء على طلب وبتوصية الجهات المختصة من قبل البروفيسور الكبير شمعون شطريت يوم كان وزير الاديان ليلائم مقاييس العائلة التي ادعت الوراثة، ذلك المجلس الذي كان من المفروض ان يتبنى تنظيم شؤون الطائفة أسوة ببقية الطوائف علّها تصل واخيرا الى شاطئ الامان. الا ان النتيجة كانت عكسية تماما واستغل المجلس لترسيخ النظام العائلي الفاشل واصبحنا اليوم عرضة للنقد نتخبط في مهاترات نحن في غنى عنها استغلت جيدا من قبل السلطات المختلفة كعادتها. فبدلا من ان يوحد المجلس ابناء الطائفة لما فيه خير ومصلحة مجتمعهم زادت الخلافات واتسع الشرخ بين الشباب والشيوخ حتى ان بعضهم يدعي ان لا احد "يعبر" الطائفة او يعيرها انتباهه، وكأنه لا يعرف ان هذا ما تصبو اليه السلطات.
عندما قرأت تلك المقالة عن الانجازات والنشاطات الجبارة التي قام بها المجلس الموقر لمتُ نفسي والآخرين الذين ينتقدون رئاسة وادارة المجلس فقد سهر المحترمون الليل مع النهار لاستقبال قوافل المهنئين بعيد الاضحى المبارك حتى وصل الحال بأحد المتكلمين الدائمين البارزين ان يحمد الله انهم قد استقبلوا حتى في يوم من الايام ستة وزراء غير الموظفين وقواد الجيش والشرطة والحبل على الجرار آنذاك. فأي فضل اكبر من هذا الفضل واي لفتات كريمة اهم من تلك اللفتات، اليس المهم ان المضيفين الكرام نالوا الاطراء والمديح من السلطة الساهرة على مصالح الشعب ونحن بني معروف جزء لا يتجزأ منه، ناسين او متجاهلين ان اولئك المسؤولين يعودون حامدين شاكرين ان المهزلة التي بدأوا بها منذ قيام الدولة بالزيارات المتكررة واستذكار اخلاص الطائفة والحلف الكذاب حلف الدم.. تلك المهزلة مستمرة.
ثم اخذت اتساءل أي قيمة للهجمة الاخوية من قبل 200 – 300 شرطي خاص على قريتنا البقيعة قبل طلوع الفجر واطلاق النار على الشباب والخلوة ثم كيل التهم لبني معروف وخاصة اهل البقيعة بالتعدي ونكران الجميل حتى الخيانة تقريبا – أي قيمة لكل ذلك امام زيارة وزير الامن الداخلي السيد ديختر والمفتش العام للشرطة بصحبة رجاله وخاصة قائد المنطقة الشمالية صاحب فكرة "الزيارة" الاخوية الى البقيعة.
اما الاهل والاخوة من آل غبيش الكرام ابناء قريتنا يركا فأعجب كل العجب كيف لا يتنازلون عن 500 دونم ارض يملكونها منذ مئات السنين مقابل زيارة صديق الطائفة الرئيس المحترم شمعون بيرس. اليست ارضكم ايها الاخوة ضرورية للمستوطنات بيلخ ولبيدوت – اخوانكم في حلف الدم المزعوم. ان الكرامات ايها الاخوة هي في الضيافات والخطب الكذابة، الرنانة، وهذا اهم من الارض والكيان والوجود. زد على ذلك كيف تنكرون فضل السلطة علينا بحل المجلس المحلي وتعيين السيد سبع الندى (آريه طال) رئيسا للجنة المعينة لأن في يركا كلها لا يوجد من يستطيع ان يدير شؤون القرية – الله يعين!!
كذلك انتم يا اهلنا في يانوح جث – وكسرى سميع كيف تصرخون وتحذرون من مصادرة ما تبقى من اراضيكم! ثم تطالبون باعادة نفوذ سلطاتكم على المناطق الصناعية في تيفن ارضكم ارضنا سابقا – ما قيمة كل ذلك مقابل زيارة وزير البنية التحتية فؤاد المحب والصديق المتفاني في سبيل مصالح الطائفة. قليلا من التروي ايها الاهل ان الكرامة التي بنيت خلال عشرات السنين والتي تستذكر في كل مناسبة وزيارة لا يجوز هدمها مقابل حفنة تراب – ان فؤاد هذا كباقي الزوار المحترمين عاد وشدد على العلاقة الحميمة والخاصة التي تربطه بابناء معروف وهذا لا يثمن لا بالمال ولا بالذهب المهم ان الشيخ او المشايخ راضون وهو راض والسلطة راضية وهذا كنز لا يفنى.
لو انتقلنا الى كرملنا الأشم مهبط الحركة الصهيونية الدرزية المباركة كيف تجرؤون بربكم امام هذا الزحف المتواصل من الزيارات المباركة، ان تطالبوا بفك الدمج بين قريتكم ثم ضم او الغاء "البارك" القومي على اراضيكم – الا تعلمون ان لهم الفضل الكبير بسماحهم لكم ان تبقوا في قراكم على ارضكم ولم يهجروكم بوسائلهم الخلاقة آنذاك. لا ايها الاهل الاعزاء المثل العربي يقول: صديقك على الف زلة لا تفوتوا – فلا تلوموا الحكومات المختلفة اذا كانت المناطق الصناعية في يوكنعام تزدحم بالمصانع ولا يوجد على ارضكم مصنع واحد، لأن ارض الكرمل لا تصلح لبناء المصانع وهذا ليس ذنب السلطات.
يا عالم، يا عالم، ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء، لا والف لا ايها المحترمون: ان الزيارات المختلفة المتواصلة، لم، لا ولن تحل المشاكل في مجتمعنا وقرانا، واذا كانت هذه وظيفة المجلس الديني في نظركم فاقترح ان تسموه مجلس التشريفات والتضييفات وان تكون المصاريف على حسابكم الخاص. ان الطائفة المعروفية التي اُهملت شؤونها بسببكم وتواطئكم هي بحاجة الى برامج علمية واقتصادية وتطويرية تلائم العصر ووقف الحملة الشرسة على مصادرة ما تبقى من اراضينا. ان كرامة الشعوب لا تقاس بعدد وتكرار زيارات المسؤولين ذوي المصالح الحزبية اصحاب الوعود الرنانة الكذابة، بل بعلمها واقتصادها ومكانتها: وكما قال الفيلسوف الانجليزي برنارد شو عندما سئل عن علامة الامة الواعية: ان الامة الواعية هي التي تقول للذي يعمل خيرا في وجهه، عملت خيرا والذي يخطئ انت اخطأت – كفى: أفيقوا يا اهلنا يا بني معروف.

(يركا)

محمد رمال *
الخميس 6/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع