من النكبة الفلسطينية الكبرى، الى النكبة العربية الكبرى الى الثورة العربية الكبرى



بداية تجدر الاشارة الى عدد من الحقائق: الحقيقة الاولى ان نكبة الشعب الفلسطيني لا تزال قائمة ومستمرة، والاحتلال كذلك وكل ما يواكبه ويلائمه من جرائم من ابشع ما عرف التاريخ في العصر الحديث. وقد اجتمعت ضده وبأدوار متفاوتة أعتى القوى. وبالمقابل فان الحقيقة الثانية والجانب الآخر من المعادلة ان هذا الشعب قائم وحي ومكافح ومتمسك بحقه الذي لا يموت وهو بهذا يوجه ضربة قاضية الى اطماع الصهيونية التوسعية. صحيح ان ذلك ممهور بتضحيات جسام ولكن الهدف سامٍ وهائل ومصيري.
الحقيقة الثالثة ان وحدة الشعب الفلسطيني الكفاحية ضُربت ضربة أليمة، وهذه الضربة كانت مخططة ليس بالاعتماد على ما نشرته الصحف هذه الايام عن دور امريكا المباشر ليصل هذا الانقسام الخطير الى ما وصل اليه، بل لأن لدينا حاسة شم قوية جدا وحادة جدا تشم نتن المؤامرات حتى وهي في الجنين، خاصة اذا اتت هذه المخططات من قبل الولايات المتحدة والتي لا تعقيد ابدا في وضوحها، فهي مكشوفة ومفضوحة، اما الحقيقة المقابلة فان جرائم الاحتلال الحالية في غزة وردود الفعل توجه ضربة مميتة الى هذا الانقسام، وهذه الضربة من صنع الغالبية الساحقة للشعب الفلسطيني من كافة الاتجاهات، ونحن نشهد البداية.
الحقيقة الخامسة ان شرَك انابوليس يجري الخروج منه حتى ولو بخسائر، وكم كنا مصيبين في معارضته. والحقيقة السادسة ان اللقاءات العقيمة بين الضحية والمعتدي المحتل يجري تجميدها ولو بشكل متأخر، ونأمل ان يكون هذا التجميد جزءا من القطب المتجمد الجنوبي الا اذا اضطرت اسرائيل مرغمة على البدء في التنازل الفعلي وعن جوانب جوهرية بعيدة عن الشكليات، فبالرغم من انابوليس واللقاءات تزداد الحواجز، وتتوسع المستوطنات بحجة سخيفة هي الزيادة الطبيعية للمستوطنين!! اية زيادة طبيعية هناك، لو توسعت مناطق البناء لدى العرب هنا بنفس نسبة الولادة ونسبة التوسع لأصبحت الدولة كلها مدينة عربية واحدة من النقب الى المركز والمثلث ووادي عارة والكرمل والجليل والذي لا يصدق يحمل قلما وورقة او حتى حاسوبا ويقارن.
والحقيقة السابعة انه لا توجد امة في العالم وجهت اليها الامبريالية ضربات وظل قادتها – قادة الأمة – يثقون بهذا العدو الوحشي كالأمة العربية او الشعوب العربية، واليوم آن اوان الشدّ، حيث انتقلت النكبة الفلسطينية لتشمل دولا اخرى ولتصبح نكبة عربية كبرى، ولا يوجد أي بديل وأي رد غير الثورة العربية الكبرى، ولا نقصد فقط الثورة المسلحة، بل ثورة لاقتلاع كافة المعوقات وحجارة العثرة من طريق هذا الانتفاض المصيري والمحتدم، فالحجر ممكن ان يكون عائقا وممكن ان يكون مقاوما، وهنالك تجربة غنية دخلت التاريخ من اوسع ابوابه، وأنا لا ادعو لذلك فهذا شأن الذين شأنهم، لكن يبدو ان كل الطرق ستؤدي الى المطحنة، الى طحن كل المخططات الاجرامية.
والحقيقة المصيرية الجبارة انه لا يمكن القضاء على شعب وعلى حق شعب وحق أمة بأسرها، خاصة اذا كان هذا الشعب هو الشعب الفلسطيني الجبار، واذا كانت هذه الامة هي الامة العربية المداسة حقوقها وكرامتها ومصالحها ويبقى حكامها أخلص الاصدقاء لأبشع الاعداء.
قد يبدو هذا الكلام عكس الواقع، لكنه ليس عكس الاتجاه، صحيح ان السياسة الاسرائيلية هي عقدة وعدو الشعب الفلسطيني، ولكن الشعب الفلسطيني وحقه هو عقدة الاطماع التوسعية لحكام اسرائيل، وليس عبثا المثل القائل: ان ما كبرت ما بتصغر، اسرائيل وامريكا استعملتا ما لديهما من سلاح، الشعوب العربية لم تستعمل ما لديها من سلاح، وهذا السلاح هو هي نفسها، بعددها الهائل وطاقاتها الجبارة.

محمد نفاع *
الأربعاء 5/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع