واشنطن عدوٌّ لا حَكَم



الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الإدارة بالذات، هي أكبر شريك وأكبر داعم للعدوانية الإسرائيلية وللتصعيد المجزري الاحتلالي الأخير في غزة.
إن ما صرّحت وزيرة الخارجية كوندليزا رايس أمس في رام الله (أنظر/ي ص 2) مرفوض ومغلوط، ليس من حيث الاستنتاجات فحسب بل من حيث المنطلقات أولا. فالسيدة "كوندي" قلبت الأمور رأسًا على عقب، وكأن المشكلة في الشعب الفلسطيني وفي خياراته في الانتخابات (التي كان رايس وإدارتها أشدّ المتحمسّين لإجرائها)، وليس في أنّ هناك دولة، تُدعى إسرائيل، تحتل الأرض الفلسطينية وتضطهد وتقتل وتحاصر الإنسان الفلسطيني تحت الاحتلال منذ أربعين عامًا ونيّف.
وهذه الإدارة الأمريكية بالذات تجاوزت منذ زمن بعيد مرحلة أنها ليست وسيطًا نزيهًا. فهي جزء من هذه المشكلة، من مشكلة مواصلة انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني، ومن الأزمة الحالية، ومن خلق الانقسام الفلسطيني وتغذيته وتكريسه، وفق محاور التطرّف والاعتدال المطرّزة على مقاس المشاريع والمصالح الإمبريالية في المنطقة، والمدموغة بتطرّف المحافظين الجدد.
هذه الإدارة الأمريكية، التي أخرجت مسرحية أنابوليس الخرقاء، أعدّت ولا تزال تعدّ في كواليسها القاتمة مخططات عدوانية على الشعوب، بواسطة زعانفها، وإشعال فتيل النزاعات المحلية، لدرجة إثارة الحروب الأهلية (أنظر الخبر حول الوثائق السريّة، ص 3). وهذا صحيح في فلسطين بقدر ما هو صحيح في لبنان حيث تعذّر على القوى الموالية لواشنطن تمرير المشروع الأمريكي بالسياسة فإذ بالبوارج الأمريكية تتحرّك نحو السواحل اللبنانية.
وإذا كانت رايس تتحدث عن العودة إلى المفاوضات، فإن هذا مشروط بوقف العدوان ورفع الحصار عن القطاع، ووقف التوغّلات في الضفة، ووقف واضح لكافة المشاريع الاستيطانية، خاصة في القدس. وأي مفاوضات تحت الحصار والعدوان والاستيطان ستبقى عقيمة، لا سيما في ظل الالتفاف الإسرائيلي على القضايا الجوهريّة، ومواصلة سياسة فرض الأمر الواقع على الأرض.
لقد أبدت "حماس" والحكومة المقالة استعدادًا واضحًا للتوصّل إلى تهدئة، تتضمن أيضًا وقف إطلاق القذائف التي تتذرّع بها تل أبيب وواشنطن زورًا وبهتانا لتبرير الحصار والعدوان.
إن الطريق إلى موقف فلسطيني حازم يضع إسرائيل والولايات المتحدة في الزاوية، يمرّ، لا محالة، من خلال وضع حد للانقسام، واستعادة الوحدة الوطنية على أساس الشرعية الفلسطينية والثوابت الفلسطينية.


(الاتـــــــحــــاد)

الأربعاء 5/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع