جباليا تستفيق على كابوس الدمار الضخم



*الهجوم الاسرائيلي يدمر أكثر من ثلاثين منزلا في جباليا ويحول بياراتها الى اراض جرداء*

غزة- تقرير وكالات- استفاقت حنان عبد ربه صباح أمس الاثنين على حجم الدمار والخراب الذي اصاب بلدتها جباليا بعدما اضطرت للبقاء مع نحو سبعين من افراد عائلتها وبينهم جريحان في غرفة واحدة طيلة يومين بسبب الهجوم الاسرائيلي.
وتقول حنان (34 عاما) ان الجيش الاسرائيلي "سجن جميع افراد العائلة الـ67 في غرفة واحدة". وتتابع هذه المرأة التي أخذت تتفقد حاجيات اطفالها في المنزل الذي دمر جزئيا: "منعونا من الطعام والشراب (..) توسلت للجنود احضار حليب لابني الطفل من المطبخ المجاور لكنهم منعوني. قضينا ليلتين قاسيتين".
وكان من بين المحتجزين في الغرفة جريحان هما رامي عبد ربه (23 عاما) ومحمود صالح (21 عاما) حيث نقلت سيارة اسعاف الجريحين للمستشفى أمس وهما في حالة خطرة بعدما نزفا لاكثر من يوم.
واضافت حنان انها لم تتجرأ على الخروج من المنزل أمس "الا عندما دخل على بيتنا الجيران".
اما مرفت ابو شباك فانتابتها حالة هستيريا بعدما علمت أمس لدى عودتها لمنزلها ان ابنها اياد (13 عاما) وابنتها جاكلين (16 عاما) شهيدان وليسا جريحين كما كانت تظن.
ولا زالت اثار دماء على جدران منزلهما القديم والذي امه مئات المعزين.
وقالت الام المفجوعة وهي تحتضن ملابس ابنها "اريد اياد وجاكلين" حيث دفنا السبت دون ان تودعهما.
ويقول نبيل احد افرد العائلة ان "مأساة مرفت كبيرة لانها علمت بشهادة ابنيها بينما زوجها محمد (ابو شباك الضابط في الامن الوقائي) بعيد عنها" حيث يقيم في رام الله في الضفة الغربية اثر سيطرة حماس على قطاع غزة.
وانشغل عشرات الشبان في اقامة بيت للعزاء امام المنزل المكون من طبقتين والذي اصيب باضرار جسيمة بقذيفة دبابة وصاروخ مروحية.
وفي منزل محمد كنعان المجاور ترك جنود اسرائيليون بقايا طعام واغلفة رصاصات متناثرة فيما بدت في جدران المنزل ثغرات كبيرة.
ويقول عز الدين كنعان (14 عاما): "كل شيء كان كما الكابوس".
وحولت الجرافات العسكرية عددا من المنازل الى ركام حيث دمر الجيش الاسرائيلي كليا او جزئيا اكثر من ثلاثين منزلا في جباليا.
وادى القصف الجوي والبري المكثف على مدار 48 ساعة الى لتحطيم زجاج عشرات الابنية السكنية فيما اصابت قذائف اكثر من عشر منشآت صناعية ومزارع للدواجن والمواشي.
ولم يسلم مسجد "صلاح الدين" وسط البلدة من الدمار الكبير وعلى سجادات الصلاة اثار احذية وبقع دم ومصاحف ممزقة فيما تكسر زجاج النوافذ وتحطم باب المسجد الرئيسي بعد ان اصابته قذيفة اسرائيلية.
وباتت بساتين الحمضيات والزيتون مناطق جرداء وكأنها لم تكن مزروعة بعد تجريفها وبقيت اعمدة الكهرباء والهاتف المحطمة ملقاة بعرض الطرقات وشبكات المياه مقطوعة.
وتبدو في وسط طريق يؤدي الى مقبرة "الشهداء" شرق جباليا حفرة كبيرة احدثتها عبوة زرعت في وسط الشارع الذي يصل بنفق ممتد الى بستان بطول عشرات الامتار.
ويقول محمد القرم: "كنا لا نستطيع النظر من النوافذ لكننا سمعنا عشرات الانفجارات الهائلة واشتباكات عنيفة وصراخ جنود اسرائيليين جرحى بسبب العبوات المزروعة من المقاومين قبل التوغل".
ويمكن لمن يدخل البلدة مشاهدة بقع دماء وبقايا اشلاء على الطرقات وبين الازقة الضيقة وبداخل منازل تعرضت للقصف، حيث كان صبية يجمعون بقايا قذائف وحاجيات مقاتلين سقطوا في الميدان.
ولا تتوقف الحاجة عائشة عبد ربه البالغة 82 عاما من العمر عن البكاء وهي تجلس على باب منزلها شبه المدمر وترفع يديها الى السماء قائلة: "ما لنا الا الله. عمري ما رأيت مثل هذه المجازر. انها نكبة جديدة".
وانشغلت جرافات فلسطينية في اصلاح طرقات دمرتها الجرافات الاسرائيلية واحدثت فيها حفرا كبيرة حيث اضطر آلاف الفلسطينيين الذين اندفعوا للمنطقة الى المشي على الاقدام.
ورغم مقتل 116 فلسطينيا خلال الهجوم الاسرائيلي منذ الاربعاء وحجم الدمار والخراب الكبير في جباليا ومحيطها اعتبرت حركة حماس انسحاب اسرائيل "انتصارا". واعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحماس عبر مكبر للصوت في جباليا "بوركت الايادي المتوضئة التي صنعت هذا الانتصار".
وفي منطقة "تل الزعتر" المطلة على جبل الكاشف شرق جباليا سقط صاروخ من طراز ارض- ارض اصاب ثلاثة مقاتلين فلسطينيين بجروح خطيرة وبعد اقل من ساعتين على سحب الاليات المدرعة فيما واصلت المجموعات المسلحة اطلاق الصواريخ المحلية تجاه البلدات الاسرائيلية.

الثلاثاء 4/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع