الشعب بين الحرب والسلام



في النظام الدمقراطي للشعب دور رئيسي ومركزي في تسيير امور الدولة وفي اتخاذ القرارات خاصة القرارات الصعبة والمصيرية، حيث انه يتم استفتاء الشعب في هذه القرارات المصيرية، وأيضا الانقلابات العسكرية في أي دولة كانت لا تنجح بدون مساندة ودعم الشعب لها، فلذلك نلاحظ انه في النظام الدمقراطي الشعب له تأثير كبير على القائد وايضا العكس، فالقائد يستمد قوته من الشعب ومرتبط ارتباطا وثيقا بالشعب وهذا ناتج من الانتخابات الدمقراطية التي تجري في الانظمة الجمهورية فالشعب عن طريق الانتخابات يوصل القائد الى كرسي الحكم، وهذا نلاحظه فقط في النظام الدمقراطي، اما في النظام الملكي فالوضع يختلف كليا فالشعب يكاد يكون على الهامش في تسيير امور الدولة او في اتخاذ القرارات لأن الحريات على اختلافها شبه معدومة وغير محسوسة، ولأن الملك هو الآمر الناهي في كل امور الدولة السياسية والاقتصادية والعسكرية، وعن قرارات الملك لا عودة ولا تردد، وايضا في النظام الملكي ينتقل الحكم بالوراثة، فلهذا السبب يرتبط الملك ارتباطا وثيقا بعائلته ويستمد قوته من عائلته وله تأثير كبير على العائلة المالكة والعكس صحيح، اما الشعب فتأثيره على الملك لا يكاد يذكر، وبالمقابل الملك له تأثير كبير على الشعب لأنه الاول والاخير، واذا اظهر الشعب محبة وتأييدا للملك فيكون من باب الخوف والنفاق والرياء.
للحرب والسلام اهمية كبيرة على الدولة وطنا وشعبا ولهما تأثير كبير على كل مجالات الحياة في الدولة السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية، وقرار الحرب وقرار السلام يعتبران من القرارات الصعبة والمصيرية في حياة الدولة، ففي النظام الدمقراطي من الممكن ان يتم استفتاء شعبي او مشاورة كل احزاب الدولة الحكومية والمعارضة، اما في النظام الملكي فقرار الحرب والسلام من صلاحيات الملك ومفروضة على الشعب فرضا.
لقد قدمت كل هذه المقدمة لنرى كيف تسير الامور في كلا النظامين وكيف تتخذ القرارات وهذا ما يهمنا فلو اعتبرنا ان دولة اسرائيل ذات نظام دمقراطي حيث ان هناك الانتخابات الحرة وحرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة، ولأحزاب المعارضة الحرية بالتظاهر ضد الحكومة والاضرابات والاعتصامات لكن بالرغم من كل هذا تبقى الدمقراطية الاسرائيلية ناقصة ومشوهة طالما بقي هناك تمييز عنصري ضد الاقلية العربية التي تعيش داخل حدود الدولة وطالما بقيت دولة اسرائيل متمسكة باحتلال الاراضي العربية، لأن الدمقراطية لا تتفق ولا تتساوى مع التمييز العنصري والاحتلال، لذلك يجب القضاء على التمييز العنصري وايضا وضع حد نهائي وأبدي لاحتلال الاراضي الفلسطينية واعطاء كل شعب حقه، وهذا من الممكن ان يتم فقط اذا دعم وساند الشعب على مختلف انتماءاته السياسية والعرقية مثل هكذا خطوات، فقرار الحرب يبدأ وينتهي عند الشعب وايضا قرار السلام يبدأ وينتهي عند الشعب، وللتوضيح نعطي مثالين على ذلك من تاريخنا المعاصر: دولة المانيا في فترة الحكم النازي اشعلت الحرب العالمية الثانية والشعب الالماني بأغلبيته الساحقة دعم وساند هتلر في هذه الحرب، وكم كان هذا القرار طائشا ومدمرا لألمانيا وطنا وشعبا، وبالمقابل دولة فرنسا في عهد شارل ديغول وضعت حدا نهائيا لاستعمار فرنسا في الجزائر وسحب الجيش الفرنسي من كل الاراضي الجزائرية ولولا مساندة وتأييد الشعب الفرنسي له لما كان حصل، وكم كان هذا القرار شجاعا وصائبا وحكيما، وعاد بالفائدة والازدهار على الشعبين وساد السلام والاستقرار بين الشعبين، وهنا علينا ان نقولها بصراحة دون خشية او تردد ان الشعب الاسرائيلي بأغلبيته الساحقة أيد ويؤيد كل الحروب التي قامت وتقوم بها حكومات اسرائيل ولولا هذا التأييد لما حصلت هذه الحروب وبالمقابل الشعب الاسرائيلي بأغلبيته غير متحمس لعملية السلام، فالحقيقة المرة والمؤلمة التي يجب ان نعترف بها، انه يقف عائقا رئيسيا وحقيقيا امام تقدم عملية السلام، فمن هنا على دولة اسرائيل حكومة وشعبا ان تعلم جيدا ان قرار الحرب لا يخرج الى حيز التنفيذ دون مساندة الشعب له وأيضا قرار السلام لا يتم ولا يخرج الى حيز التنفيذ دون تأييد الشعب له، فالشعب هو الذي يقرر الحرب ويبني ويقيم السلام.

(كفر ياسيف)

نايف محمد الحاج *
الثلاثاء 4/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع