سلّة ورود فوّاحة لعيون اصالة



اكثر ما كان يثير دهشة واستغراب سمعان الجريس (ابو العلاء) ان صديقه حسين العلي (ابو محمود) لا يرطن لسانه كلما التقيا حول فنجان قهوة الا بالمديح وابراز اعتزازه بابنته "اصالة"، "اصالة متفوقة في دراستها الجامعية"، "اصالة مجبولة حنية على والديها"، "اصالة حورية من الجنة"، لجمالها وشلبنتها التي تنافس نجمات السينما، "اصالة يدعونها لالقاء محاضرات في النادي عن جرائم وحوش البشر".. هكذا في كل لقاء ما في على لسان ابو محمود الا سيرة اصالة، في احدى المرات طلع ابو العلاء من "ضبان عقله"، نرفز وقال لصديقه "خليها بنتك فاطمة بنت الرسول او مريم العذراء أي هالقدّة اصالة قاطعة الوصفة"!!
والحقيقة ان مبالغة ابو محمود في الاطراء لصفات ابنته كانت في حدود المعقول والواقع، فأصالة ولدت وترعرعت وسط سبعة من اخوتها الذكور، وإن لم تكن سبعا اكلتك الضباع، عرفت كيف تستل حقها ولو بالقوة، وفي موسم الزيتون شقشاقتها اطول من شقشاقة اخوتها وارشق منهم في كتّ حب الزيتون، تفوقت في دراستها الثانوية وكانت "معدلة الستات" في الطبخ والنفخ – حسب شهادة والدتها – اصرت على اكمال دراستها الجامعية في وقت شغّل فيه اقاربها مكابس الضغط على والدها، خاصة من عمها "عبد الجبار"، ومحاولة اقناعه ان "سترة البنت بزواجها"، وعندما فشلت هذه الجهود امام اصرار اصالة بعث عمها عبد الجبار "جاهة" لتخليص حكيها لابنه "سليم"، ويكون الزواج بعد انهاء اصالة لدراستها الجامعية. وبصورة ادبية واخلاقية لائقة تصدت اصالة للجاهة قائلة "ابن عمي على رأسي وعيني، ولكن شريك حياتي هو من سيختاره عقلي وقلبي، وهذا متروك للزمن"! وخرج عمها محقونا غضبا وزعلا. ودخلت اصالة الجامعة "والديك الفصيح من البيضة يصيح"، برّزت في الدراسة وبجديتها ووعيها السياسي المصقول اثبتت نفسها على الساحة الكفاحية الطلابية في معارك التصدي للعنصريين اليمينيين وفي معارك الدفاع عن قضايا شعبنا وجماهيرنا، وانتخبت عضوة في لجنة الطلاب العرب، كما اثبتت ان "لحمها قاس" عصيّ على المضغ، فبجديتها واحترامها لنفسها ابعدت عنها جميع الدبابير التي حامت حول جمالها الفتان. وبدون طول سيرة تعرفت على رفعت الخالد ابن صفها الجامعي وناشط الحركة الطلابية، واخذا يظهران معا في مختلف المناسبات مما اشعل الحقد والضغينة في قلب ابن عمها سليم واهله، فأخذوا يحرضون والدها عليها ويبثون الاشاعات الكاذبة عنها، اما والدها فكان جوابه الوحيد "وعي بنتي يصون عرضها". امام موقف اصالة ودعم والدها لحرية اختيارها جمع عبد الجبار اولاده وحرضهم على قتل اصالة لصيانة شرف العائلة من العار والشنار، فهي دايرة على حل شعرها في الجامعة، وعلى ذمة بعض زميلاتها – ادعى عبد الجبار – فان اصالة حامل من صاحبها رفعت في الشهر الثالث!! لم يرق لعمر بن عبد الجبار حديث والده او يصدقه، ذهب خلسة الى بيت عمه واخبره بالمؤامرة، وبعد يوم اعلن المنادي في المايكريفون عن دعوة الاهالي للمشاركة في حفل عقد قران اصالة على رفعت يوم الجمعة القادم، وغرق عبد الجبار في صنّة مستنقع فشله.
- اما ابو محمود فقد قال لصديقه سمعان الجريس: "اعط للمرأة حقها بالمساواة وستعمل العجائب بدفع عجلة تطور المجتمع حضاريا". صحيح يا صديقي قال ابو العلاء، ولعيون اصالة اجمل سلة من الورد الفوّاح ولجميع النساء مروج من الزهور المعطرة بمناسبة يوم المرأة العالمي، الثامن من آذار.
د. أحمد سعد
الثلاثاء 4/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع