من قتل سميرة عزام؟



     صباحك سكر ومسك وعنبر، أريج برتقال وضوع ياسمين، عطر وردة جورية وشذى زهرة المريمية وزر فُلّ على صحن نرجيلة .
وبعد،
     اكتب إليك بُعيد مرور أربعين عامًا على وفاتك. ولست أدري! ربما استشهادك. فسلام عليك يوم ولدت... ومنهم من قال سنة 1924 ومنهم من قال 1927 لكنهم إتفقوا ان الولادة كانت في عكا- عروس البحر ومغناج الشط الغربي. وسلام عليك يوم غادرت هذه الدنيا.. فمنهم من قال بحادث سير ومنهم من قال بالسكتة القلبية، فأنت لم تحتملي.. وقلبك الرقيق لم يحتمل كارثة حزيران.. إنهيار 1967 الذي يسمّونه تيمنا وتلطيفًا وخداعًا: النكسة.
كنت في طريقك من بيروت إلى عمان عن طريق البر. علموا أنك عائدة. فحرموك من العودة.ويا لها من عودة... عملت في سلك التعليم بعكا وبحيفا. ثم هُجّرت... فعملت في إذاعة بغداد حتى ثورة 1958 فطردك الثوار.. تمّوز لم يحتملك.. ثم عملت في إذاعة الشرق الأدنى البريطانية بقبرص ثم كان الإستقرار المؤقت في بيروت فعملت بالتأليف والترجمة... وكان "الظل الكبير والأشياء الصغيرة والساعة والإنسان وأصوات الليل والعيد من النافذة الغربية" ورواية "سيناء بلا حدود" التي لم تكتمل لأن النكسة النكبة والإنتكاسة والكارثة وقفت لها ولك بالمرصاد. فلم تكمليها غضبًا وقهرًا وخيبة أمل ويأسًا ثم ألمًا وصراع بقاء. فقد قمت بإتلافها.. وربما "إنتحارًا".
     عملت بالترجمة من الإنجليزية للعربية وتعرفنا من خلالك على بيرل باك وجون شتاينبيك وبرناردشو بمسرحيته كانديد. ثم نلت جائزة "أصدقاء الكتاب" على مجموعتك القصصية الساعة والإنسان... وفي مؤتمر العودة 1965 كان لك شرف تمثيل المرأة الفلسطينية.
سميرة..
     ما قيل عنك الكثير..  قيل انه "لم تظلم كاتبة في الوطن العربي كما ظلمت سميرة عزام.. هذه المرأة الخضراء الظل، المبدعة المناضلة، الشامخة المقاتلة"
     نعم المناضلة المقاتلة وليس بالقلم وحده! هل لأنك أسهمت في تأسيس وتشكيل تنظيم فلسطيني في نفس الوقت الذي كان فيه أبو عمّار ورفاقه يؤسسون حركة التحرير الفلسطينية-فتح؟ هل لأن أبا عمّار سرق منك ورفاقك الأضواء أم لأن التنظيم كان سريًا؟ وأن عودتك من بيروت إلى عمّان إلى... كانت منوطة به!؟
     ثم لماذا كان الشهيد المبدع غسان كنفاني قد رثاك وقد وقع موتك المفاجئ والغامض كالصاعقة على رأسه؟ هل لأنك مثله من عكا؟ لا أعتقد! هل لأنك كنت من حركة القوميين العرب بدايات الجبهة الشعبية والدمقراطية؟ وفي حينه قلتِ عن غسان انه المعلم. فهل قُتلت كما قُتل هو فيما بعد؟ فالشك عادة ثوريّة يا رفيقة.
سميرة... اعذريني فأنا الآن مليء بالغضب والحرقة والاحتراق لما يحدث في غزة من المجازر ألهولوكوستية ضد أبناء شعبنا ...لكنني أتساءل من قتلك ؟ ولا بد أن يتم بحث ذلك عند الأجيال القادمة.
     أحاول أن أفهم من خلال مجموعة "العيد من النافذة الغربية" ومن خلال إحدى قصصها "وجدانيات فلسطينية" التي هي في الواقع قصة طويلة أو رواية قصيرة- نوفيلا.. أحاول أن أفهم ماهيّتك وماهية سرّك الذي مات معك.. فالدمعة وكما قلت لم تعد تفيد وفلسطين بحاجة إلى جهد وكفاح وعمل وإيمان وأمل بالعودة وبحق العودة... وكما خاطبت بوابة ماندل باوم- بوابة لقاءات الدموع بالقدس في حينه؛ "قررنا الا تظلي وحدك بوابة اللقاء.. وعزمنا أن نجعل كل حدودنا بوابات.. ولقد قلنا كلمتنا فماذا تقولين؟ "

وليد الفاهوم
الأثنين 3/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع