قرار هام نحو السلام والمساواة



مظاهرات الغضب والاحتجاج التي عمّت الكثير من مدننا وقرانا العربية، ولا تزال، رفضًا للعدوان المجزري الاسرائيلي على قطاع غزة، تعكس الضمير الحي، وطنيًا وإنسانيًا، لدى هذه الجماهير. وهي تؤكد مجددًا أن الجاهزية الكفاحية في صفوفها لا تزال عالية شامخة، وهي قادرة على ترجمتها الى فعل نضالي كلما اقتضت الحاجة، ويا لشدة الحاجة في اللحظة العصيبة الراهنة..
إن سرعة التحرّك المؤلف من إطلاق الصرخة في وجه الاحتلال المجرم من جهة، وبعث الصوت المحتضِن تضامنًا، بل تكاملا، مع أهلنا من جهة أخرى، تستحق التحيّة بحرارة. فهذا الجزء من الشعب الفلسطيني- ومعه قوى تقدمية يهودية نقية اليد والضمير- لديه دور هام في التصدي لمسلسلات الاجرام الرسمي الاسرائيلي. وتزداد حيوية هذا الدور وسط الصمت العربي الرسمي المشين والمطبق، وممارسات الإسكات الرسمية الترهيبية لشلّ الشعوب العربية المقموعة.
وهنا، جاءت القرارات الهامة التي اتخذتها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، في اليومين الأخيرين، لتؤكد أن الردّ الشعبي ليس محكومًا بالعفوية، الصادقة والهامة، فحسب، بل إنه يعبّر عن موقف مدروس وواضح. وقد ازدادت قرارات هذه الهيئة التمثيلية أهمية، عندما سارت خطوة للأمام باتجاه الإضطلاع بدور فاعل للمساهمة في رأب الصدع  الخطير الذي يضرب الوحدة الوطنية الفلسطينية في المناطق المحتلة عام 1967.
مفاد القرار هو: "تجاوز مجرد توجيه النداءات والمناشدات للوحدة الوطنية الفلسطينية الداخلية، عبر إعداد وبلورة تصوُّر ومبادرة خطية مُتماسكة ومُتكاملة من قبل لجنة المتابعة، توجَّه لمختلف القيادات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، لتُشكِّل أساسًا وإطارًا لإعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية في مواجهة العدوان والاحتلال الإسرائيلي، ولمنع العدوان الاسرائيلي  - الامريكي من التسلل عبر الخلافات والاختلافات الفلسطينية الداخلية".
إن اطلاق هذه المبادرة الهامة في هذه اللحظة بالذات، لا يعكس فقط القلق الحقيقي الذي يملأ نفوس جماهيرنا العربية وحلفائها في ازاء تواصل وضعية الانقسام التي تهدد بتسلل المشاريع الاحتلالية المدعومة من واشنطن، بين ثغراتها القاتمة؛ بل إنه يضع وزن هذه الجماهير الذي لا يُستهان به على كفة الميزان التي ترجّح الوحدة وتساهم في صدّ الصدع وفي رأب الشرخ.
كذلك، فإن أخذ هذه المبادرة على محمل الجدّ، قولا وفعلا، يمنح الجماهير العربية التي تكافح على حقوقها وعيشها الكريم، وزنًا نوعيًا اضافيًا في معركتها داخل اسرائيل. فالمعركة على المساواة التامة والعيش الكريم، هي معركة مرتبطة مباشرةً، بل إنها مشتقّة من المعركة على تحقيق السلام العادل. وأولى الخطوات لفرض الخيار السياسي العادل على حُكّام اسرائيل، ومحاصرتهم سياسيًا، هي تلك المتمثلة باعادة ترسيخ الوحدة الوطنية الفلسطينية.
إن هذا القرار فيما لو تُرجم بشكل دؤوب، ومن خلال اعطائه الأولوية القصوى، سيكون من شأنه رفد المعركة العادلة على السلام، وبالتالي على المساواة، بمناهل نضالية هامة سيكون لها ما بعدها من نتائج وثمار.
فليستمر التحرك الكفاحي السياسي لجماهيرنا في وجه جهاز الاحتلال والعدوان والمجازر، ولتكن مبادرة هيئتنا التمثيلية السياسية عنوانًا لهذه اللحظة، وهدفًا تُبذل كافة الجهود لتحقيقه.

"الاتحاد"

الأثنين 3/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع