سلمى



قالت في ذات نفسها .......
لا أدري لماذا حنّت الورقة للصراخ الهامس ...ورغب القلم بتلبية الحنين ..فزفّت بشرىذلك للفؤاد الذي لم يتردد ...ولو للحظة ولكنه استشار العقل وحصل على الموافقة ...فكتبت النفس للروح وحكى الفؤاد وأنصت العقل...
وكتبت لذات نفسها ....
"صديقي إني اختنق لا شوقا لك ولا حنيناً ...لا ولا هي قصّة عاطفيّة...إنّي أختنق ولست وحدي وبهذا تعزيتي ولهذا ثورتي..فالسمكة أيضا تختنق ....السمكة التي يزفون لها بشرى ميلاد وطن جديد وحياة جديدة، وسعادة أكيدة فتفرح المسكينة, وتعوم شوقاً للوصول إلى وطنها الجديد, وتبتسم ومن الاعماق تخرج غبطتها ولكن حال وصولها المكان تجده بحراً ميتاً تجمعت به كل ذرات الملح الزائدة ..وما أكثر هذه الذرات وأعظم عددها..
هكذا تموت الاسماك في بلادي، وهكذا يموت البحر..وهكذا يموت الشوق والحنين لميلاد وطن جديد لأسماك بلادي.."
وعبثت بتلك الورقة بعد أن سقتها من نبع عينيها ...وحولتها لكرة صغيرة لتعبث بها رياح الخريف ...وتمر الايّام سريعة كالبرق ..قاسية كالعاصفة
...لتتحول الكرة لكرة جليدية...يعبث بها عجوز قد حنى ظهراً خجلاً من أيامه والتوت خلايا وجهه لتكوّن غضوناً كثيرة إحتراقاً لساعاته....فحاول فتح الكرة من جديد ...لكن قواه خذلته وقال في ذات نفسه متمتماً ....شيخوختي خذلتني وكنت أظن إنّ العمر شباب باق ....ثمّ راح يحاول فتح الكرة بأصابع رجليه علّها تقوى ولكن عبث في عبث ...محاولاته كانت....حاول بأسنانه ونسي المسكين أن الدهر لم يُبقِ له من شبابه أي شيء..



وهكذا قبض الريح كانت محاولاته ....فعضّ على شفته لسفلى بأسنانه اللا حقيقية...لتهوى على الأرض فيبكي كبيرنا ...يبكي قائدنا...يبكي شيخ قبيلتنا...يبكي دموعاًحارقة ..سقطت من عينيه وتتسابق العَبرات الواحدة تلوالاخرى ...لتنفتح الكرة ..
وتتراءى الكلمات أمام ناظريه واضحة وضوح شمس نيسان ...وغائمة غيوم سماء كانون ..ولا أسمع إلاّ تمتمات بحروف متقطعة ..
ظ..لم ...ت..كِ.........يا سلمى.......
سامحيني ..........



وغطّ شيخنا في قيلولة أبدية ....بعد أن حفرت أصابعه الخشنة
"الظلم مرتعه وخيم وخيم"


قانا الجليل

بقلم: عدلة شداد خشيبيون
الأحد 2/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع