المأزق الوطني الفلسطيني



حركة فتح في مأزق، فهي تملك الشرعية وتقود المفاوضات، في ظل الاستيطان والعقوبات الجماعية والاغتيالات والمداهمات الاسرائيلية، ليس فقط في قطاع غزة بل وفي الضفة الغربية، سواء بسواء.
اسرائيل ليست ضد حركة حماس، بل هي ضد الجهاد وكافة فصائل المقاومة والمقاتلين، واستهداف اسرائيل ليس موجها ضد الانقلاب وآثاره وتداعياته، مثلما هي ليست مع الديمقراطية الفلسطينية ومع التعددية، وشيوع قيم العصر وحقوق الانسان، بل هي ضد كل من يحمل السلاح وتستهدفه وتعمل على تصفيته وقتله سواء كان من كتائب القسام أو كتائب ابوعلي مصطفى او كتائب الاقصى أو مقاتلي الجهاد الاسلامي، سواء كانوا في غزة أو الضفة أو القدس، سواء كانوا على أرض وطنهم فلسطين، أو في منافي دمشق وبيروت، هم ضد إرادة الشعب الفلسطيني ورغبته في الحياة المستقلة الحرة الآمنة، ولذلك تشمل عملياتهم الضفة، كما هي في القطاع، مع أن الأمن في الضفة يفترض ان يكون بيد الأجهزة الفلسطينية، ويفترض بالفلسطيني ان يكون شريكا على الأرض كما هو شريك على الطاولة، ولكن الاسرائيليين لا يحترمون شراكة الفلسطينيين ولا يقدرونها ولا يثقون بها، ولذلك يشنون هجماتهم في الضفة لانهم يتعاملون مع الضفة والقطاع كوحدة جغرافية وسياسية وبشرية معادية واحدة، وهذا يسبب الحرج لحركة فتح ويوقعها في مأزق كيفية التعامل مع الاحتلال, وكيفية التصدي له، وهو مأزق دفع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية للتعبير عن هذا التناقض في بيان لها (الصادر يوم 23/شباط/2008) أكدت فيه وجوب وقف الاستيطان في الضفة الغربية، وعلى أنّ "لدى الشعب الفلسطيني خيارات متعددة تنسجم مع الشرعية الدولية ومع خبرته في الكفاح الشعبي السلمي لنيل حقوقه".
حركة حماس في مأزق. فقد كشفت عن حقيقة سلوكها وادارتها وقيمها على أنها لا تحترم الآخر ولا تعطيه الاعتبار، فمنطق القوة هو السائد في تعاملها ليس فقط مع حركة فتح، بل ومع الجهاد الاسلامي وحزب الشعب ومع الجبهة الشعبية، كما هو مع الديمقراطية. حركة حماس في مأزق، حين فشلت في تقديم صورة مشرقة للادارة في قطاع غزة، وقدمت خلاف ذلك إدارة حزبية متسلطة تستأثر بما هو قائم، وبالملايين التي تحصل عليها لمصلحة حزبها وقواعدها وقوتها التنفيذية، وباقي اهل غزة يجوعون ويموتون قهراً. وهي في مأزق لان مشروعها السياسي على الرغم من تواضعه، فهو غير مقبول فلسطينيا وعربيا ودوليا، فدعوتها للهدنة طويلة الاجل لا تستأثر باهتمام القادة السياسيين باستثناء رئيس بلدية سدروت الذي أعلن انه يرغب بالتفاوض مع حماس لاقرار الهدنة، لكنه لا يملك الصلاحية او السلطة السياسية للتوصل الى مثل هذا الحل مع حركة حماس.
واليسار الفلسطيني في مأزق، ممثلا بالجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب على التوالي، فهم يتصرفون بضميرية وقيم نضالية وخطوط حمراء ويتمسكون بالثوابت التي ساهموا بصياغتها وتحديدها والحفاظ عليها في ظل متغيرات عصفت بالعديد من القوانين والمرجعيات والرؤى التي كانوا يتشبثون بها باعتبارها بوصلة مسارهم قبل أن تهتز وتتلاشى.
اليسار الفلسطيني قدم تضحيات كبيرة وكان شريكا في الانجاز والتمثل بقاعدة الوحدة الوطنية والتمسك بها والحفاظ عليها حتى في ظل ذروة الخلافات والتباينات خاصة من قبل الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب. اليسار الفلسطيني في مأزق، لان تأثيره على حركة الناس وخياراتها محدود، فالجمهور الفلسطيني مقسوم بين ادارة فتح وادارة حماس، واوراق اليسار ضعيفة لا تؤهله للعب دور حاسم سواء في مقاومة الاحتلال او في التصدي لسياسات حركة فتح الانفرادية او في التصدي لسياسات حركة حماس الانقلابية.
حركة فتح تستفرد بالمفاوضات ومصير الضفة، وحماس تستفرد بالقطاع ومحاولة فتح التفاوض مع الاسرائيليين عبر القاهرة، وفصائل اليسار لا تملك سوى روح الاحتجاج، بدون استجابة حقيقية لا من قبل فتح ولا من قبل حماس، فكلاهما لا يقبض اليسار كشريك حقيقي في ادارة المنظمة او في ادارة السلطة او في ادارة سلطة الانقلاب في غزة.
الاطراف الثلاثة في مأزق، امام انفسهم وامام شعبهم وامام العالم وامام عدوهم المتفوق الذي لا يحترم طرفا منهم، ولا يلتزم بصيغة معهم، ولا يهوى التوصل الى اي اتفاق مع اي منهم، وما رفضه لحكومة سلام فياض واقتراحاتها ومبادراتها سوى دليل على عدم مصداقيته في قبول الشراكة والانصياع للاتفاقات او الالتزام بالاستحقاقات المطلوبة منه.
hamadafaraneh@yahoo.com  
حماده فراعنة
السبت 1/3/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع