ألادارات الأمريكية المتعاقبة ليست صادقة في السلام العادل بين العرب واسرائيل



بات واضحا الآن اكثر، ان الادارة الامريكية الحالية غير صادقة بتحقيق سلام عادل وشامل بين العرب واسرائيل، وهي تريد استمرار التوتر في هذه المنطقة من العالم، لأن ذلك يساعدها على تنفيذ مخططها الهادف الى بلورة شرق اوسط جديد حسب مشيئتها ومصالحها. ففي اطار مصالحها الاقتصادية والسياسية تريد تأمين مواصلتها لاستغلال الثروات النفطية الشرق اوسطية مقابل اثمان واجور من البضائع والانتاج الامريكي. ولتحقيق ذلك تحتاج لربط بلدان الشرق الاوسط بعجلة اقتصادها وتكبيل هذه البلدان بشبكة من الاتفاقات والصفقات والديون، لكي يساعدها ذلك على تحقيق هدفها الاستراتيجي الذي يعرقل النهوض القومي والتقدمي في اقطار هذه المنطقة عامة والعربية منها بشكل خاص وذلك حرصا منها على مساندة اسرائيل ودعمها وتأمين ما يلزمها من الامن والاستقرار والتفوق بكل المجالات على جيرانها. وهذا يسهم في انهاك الدول العربية المحيطة باسرائيل ويصيب الشعب الفلسطيني بالعجز ويلجم نضاله الوطني التحرري ويعيق التوصل للسلام الشامل العادل المنشود.
ان ما قامت به دائما الادارات الامريكية المتعاقبة من دعم سياسي لاسرائيل وتزويدها بأحدث ما تنتجه امريكا من السلاح الحربي بمختلف انواعه. ضاعف من الاطماع الاسرائيلية واستخفافها بالشرعية الدولية، وهذا اجبر العرب على مواصلة شراء الاسلحة من اجل تحقيق التوازن الضروري لحفظ الامن العربي، وصبّ هذا دائما في مصلحة المنتجين للاسلحة وفي نفس الوقت زاد من الخضوع لامريكا والتذيل لها.
لذلك من الطبيعي ان يتبادر الى ذهننا كعرب متضررين بان الارهابيين العاملين تحت عباءة بن لادن هم على الارجح صناعة جهة امريكية متصهينة، وذلك من اجل خلق المبررات للتواجد العسكري الامريكي مع دول حليفة لها في عدد من اقطار منطقتنا الشرق اوسطية بذريعة مكافحة الارهاب. كما هو حاصل الآن في العراق الشقيق وفي افغانستان وفي ما تخطط وتسعى له الادارة الامريكية ضد نظام الحكم الحالي في الجمهورية الاسلامية الايرانية، المتعاطفة مع النضال الوطني التحرري للشعب الفلسطيني، ومع الحقوق العربية المشروعة التي تغتصبها وتستولي عليها اسرائيل.
زد على ذلك ما ينتجه هذا الواقع الذي تنسجه الادارة الامريكية من ضرر بالغ يصيب بعض اقطار هذه المنطقة المستهدفة من التحالف الامريكي الامبريالي والصهيوني من ضعف واعاقة وشلل يؤخر تقدمها وتطورها الحضاري السليم، وفي نفس الوقت تستفيد امريكا من جني الارباح المادية بسبب اعتماد الانتاج الحربي كبضاعة مطلوبة للدول المهددة في امنها واستقرارها من المنظمات الارهابية. ولذلك نتائج سيئة كثيرة تمتد الى مختلف المجالات، من ذلك انقطاع رزق آلاف الاختصاصيين المؤهلين من دول المنطقة حيث يضطر الكثير من العلماء والمهندسين وحاملي الشهادات الجامعية العليا الى الهجرة والعمل في الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغنية. مما يساهم في المحصلة بتحقيق الاهداف الاقتصادية للدول الامبريالية، وفي نفس الوقت يصب ذلك في مصلحة حكام اسرائيل اصحاب الاطماع التوسعية وغير المعنيين بالقيام سلام عادل شامل. فلذلك تقدم لها كل اسباب القوة من دعم مادي وعسكري لتعزيز قدراتها وابقاء جاهزيتها في اقصى درجاتها.
لذا علينا كعرب، اليقظة المستمرة والادراك بان ما اقدمت عليه الادارة الامريكية من احتلالها للعراق ليس هو خاتمة المطاف، وما يفعله ويقوم به للاسف الشديد في لبنان، سمير جعجع، وليد جنبلاط وسعد الحريري ومن لف لفهم من الاعوان والاتباع والضالين ما هو الا مؤشر على نوايا الادارة الامريكية في ضرب القوى الوطنية والتقدمية في لبنان وسوريا اذا استطاعت الى ذلك سبيلا، ومما يشجع الادارة الامريكية على تبنيها لذلك ولأسفنا الشديد، وجود حكام عرب اكثريتهم يتسابقون على ارضاء الولايات المتحدة الامريكية والتذيل لها واحتضانهم لأهدافها باخلاص واضح وأكيد. لذلك فان الولايات المتحدة الامريكية تمارس الدجل عندما تدعي انها تسعى الى تحقيق السلام في منطقتنا الشرق اوسطية، فهي بالاساس لا تسعى الا لتحقيق اهدافها وسياساتها الامبريالية وذلك يحتاج لاستمرار حالة القلق والتوتر وفقدان الاستقرار في هذه المنطقة من العالم، وهذا هو المطلوب والمرغوب للرئيس الامريكي بوش الابن والادارة الامريكية الحالية، ومما يسهل عليهم هذا الخيار ضعف وجهل العديد من الحكام العرب في مشرق الوطن العربي ومغربه، فهم يعتقدون ان تذيلهم للادارة الامريكية يخدم عروشهم ويرسخ بقاءهم كملوك وامراء ورؤساء، وهذا على ما يبدو هو المفضل عندهم قبل مصلحة بلدانهم وكرامة شعبهم وأمتهم، ولو انهم يفقهون حقائق التاريخ لأدركوا ان ذلك طالما يفيد الاعداء فهو كفيل باضعاف مواقفهم وزوال حكمهم طال الزمن او قصر على يد الاحرار والثوار من ابناء شعبهم وأمتهم، مهما احتاطو لذلك وكانوا في حصن حصين.

(مجدل شمس – الجولان العربي السوري المحتل)

احمد علي قضماني *
الجمعة 29/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع