"البطل في النصّ السّردي" و "قراءات في نصوص جامحة" – دراسات نقدية للكاتب محمد هيبي



حيفا – مكتب الاتحاد - صدر مؤخرا، للكاتب محمد هيبي، كتابان يحتويان على دراسات نقدية لنصوص نثرية وشعرية مختلفة: الأول بعنوان "البطل في النصّ السّردي" ويحتوي على دراسة نظرية لشخصية البطل في الأعمال القصصية وقد طبّقت هذه الدراسة على شخصية البطل في رواية "ما تبقى لكم" للكاتب الفلسطيني غسان كنفاني. والكتاب الثاني بعنوان "قراءات في نصوص جامحة" يحتوي على خمس دراسات نقدية لنصوص نثرية وشعرية، محلية وعربية مختلفة وقد قدّم الدكتور إبراهيم طه لهذا الكتاب بما يلي:
"مفلح الطبعوني شاعر يحب كما نحب. ويعاني كما نعاني. لا بل يعاني ما نعاني. ورغم الشحوبات المتجددة فيه، إنه شاعر يعيش روعة انتظار عطايا العناق". كذا يختم الأستاذ محمد هيبي دراسته الأخيرة في كتابه هذا معلنًا موقفًا واضحا كالشمس أو لعله أوضح بقليل.

 


يرصد الأستاذ محمد هيبي في كتابه هذا جملة من النصوص، لخمسة من كتابنا وشعرائنا من لبنان ومصر وفلسطين. ولعلّ ما يجمع هذه الدراسات كلها تحت سقف واحد قدرة النصوص التي يطرحها للدرس على الجموح والمعاندة والمشاكسة. علمونا صغارًا فأدركناها بالتجربة كبارًا أن الحياد في الموقف نكتة غير مضحكة. فمن كان متورطا في موقف أيديولوجي لا يجد إلى الحياد سبيلا حتى وإن صمت أو قطعوا لسانه! والأستاذ محمد هيبي في كتابه هذا لسانه شرعة مشدودة ممدودة، متورط ومنحاز إلى فئة المقهورين ضد القاهرين. يتوقع قارئ الكتاب – أيّ كتاب – أن يجد خيطا يشدّ الغلاف إلى الغلاف، يخترق كلّ الدراسات في دفتيه ليجمعها في حقل فكري واحد. فما يجمع إميلي نصرالله اللبنانية إلى مفلح طبعوني الفلسطيني هو حالة من حالات الغياب التي أتخم بها الأدب العربي من محيطه إلى خليجه.
فالأدب بصفة عامة لغة الغياب، مثلما قال محمود درويش مرة، والغياب فقد، والفقد يؤرّق صاحبه. قالت أمي، رحمها الله، إنّ الطفل إذا جافاه النوم ليلة من الليالي فإما يكون جائعا أو موجوعا. فكيف يغفو الكهل منا إذا حرمته السلطة، أية سلطة، لقمة يسدّ بها رمقه أو أوجعته بسياطها التي لا تلين؟ هذا ما قاله الكاتب السوري المغترب مرة، أو كما قال. كلّ النصوص التي يرصدها الأستاذ محمد هيبي مهمومة بالغياب، غياب الحرية والانتماء، غياب الحقّ والكرامة، غياب العقل والمنطق، غياب القرار والأثر! كل هذه المغيّبات هي ثيمات مركزية في نتاج إميلي نصرالله، أمل دنقل، عودة بشارات، محمد نفاع ومفلح طبعوني.
ولما أدرك الأستاذ محمد هيبي تماما أنّ النص الأدبي بشقيه، انصرف إلى الانشغال بالأدوات الفنية والشكلية التي تنبني منها نصوص هذا الكتاب والتي تؤكد احتفالها بحالات الغياب تلك. على هذا الأساس جاء احتفاء الأستاذ هيبي بالتقنيات السردية المختلفة - كزاوية السرد واللغة والشخصيات والزمكانية والنهاية – مطعّمًا بدراسة الطروحات الفكرية المتقاربة في منحاها العام. 
الحقيقة، أنّنا في موقعنا المهمشّ في خريطة الأدب العربي مدعوون جميعا للمساهمة بجدية في اختراق هذا الحصار لنثبت أنّ الأدب الفلسطيني ما زال بخير وأنّ النقد الفلسطيني ما زال بخير أيضا. الأستاذ محمد هيبي يثبت في كتابه هذا أنّ النوايا سليمة، وعلى هذا هو يستأهل الشكر، غير أن الهدف ما زال بعيدا! وإذا كانت النوايا هي أصل الحساب، فنحن لا نحاسبه إلا على نواياه ونترك الهدف لنحاسب عليه أنفسنا جميعا!    

 

الجمعة 29/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع