جنازات حامية



يظن البعض إن لم يكن الأغلب، بأن قيادة المجالس المحلية والبلديات نوع من أنواع الترف الزعامي أو الوجاهة العائلية، أو هي عضوية في لجنة صلح عشائري واحتلال الصدارة حول "مناسف رز وفريكة". ويظنون أنه لا حاجة لأية مؤهلات لهذه القيادة إلا التقاعد أو العطالة عن العمل والإنتاج، من أجل الجلوس على كرسي في المجلس المحلي، ومن المفضل طبعا أن يكون كرسيّ الرئيس أو كرسيّ القائم بأعماله، وفقط في الحالات النادرة قد يتنازل طالب الجلوس فيجلس على كرسي نيابة بدون حقيبة يعوضها بشراء حقيبتين واحدة له والثانية لمرافقته.
ويظن البعض الآخر بأن هذا النوع من القيادة من الأمور الثانوية في حياتنا، وقد وصل الأمر ببعض من هذا البعض الذي وصل إلى كرسي القيادة بتسليم المقود لمن حوله، ابنة صاحبه الخ..
وهذا التسليم غير نابع من الاستهتار بالمسؤولية وأهمية متابعة أمور الرعية، وإنما عن اقتناع بعدم عوزها للجهد والتركيز، إنها حالة عرضية ثانوية يمكن أن تتم مع ضحالة فكرية وغباء نعامة فمن يفترش الأرض من منطلق النعامة، وتسير حافية من نفس المنطلق، ولا يفتح كتابا إلا بالمناسبات والأعياد من نفس المنطلق، ولا ينام إلا بعد النميمة من نفس المنطلق، ويتزوج من تحت الطاولة من نفس المنطلق، ويعتبر النصب والاحتيال فهلوة من نفس المنطلق، ومن هذا المنطلق هو ومن معه ضد الدمج لأنه يقلل عدد الكراسي وليس لسبب آخر، الأمر الذي يقلل من إمكانيات الجلوس على الكراسي ويزيد من ظلم الفاعلين والهادفين لتتمركز فوقها خصوصا وان القسم الأكبر منهم يعمل جاهدا على أن تقام مجالس محلية إضافية بدل القائمة، فمثلا إقامة مجالس محلية لكل حي من أحياء البلدة، فيصبح الرئيس الأول للحارة الفلانية والرئيس الثاني للعائلة الفلانية وقد وصل الأمر بالبعض باقتراح أوسع من ذلك بكثير، وذلك بان تقام مجالس محلية مستقلة للبنوك  وللمطاعم وللكراجات…
ومن أمنياتهم الهادفة تفصيل مجالس محلية للإناث، أي مجالس محلية نسوية، منعا للاحتكاكات المريبة وحفاظا على التراث الأخلاقي الحميد، مع إيجاد معادلة مناسبة لمقولة الرجال قوامون على النساء بدون شوشرة، وبعيدا عن الإعلام والفضائيات ومسابقات ملكات الجمال، لزيادة الإفادة الذكورية للسيطرة على الكراسي طبعا مع الحفاظ على كرسي سكرتيرات الرئيس للإناث لأنهن حافظات للأسرار أكثر من الرجال ومعهم الوقت الكافي للظهور بمواهبهن الأمامية والخلفية أثناء ساعات الدوام وساعات الفراغ.
حفلات ولادة القياديين الجدد على الأبواب منهم من بدأ بطرح السلام على جميع الناس ومنهم من يتشرف في جميع الأفراح وأعياد الميلاد، ومنهم من ينتظر نشرات الأخبار الصباحية التي تنشر أسماء المتوفّين ومواعيد جنازاتهم ليشارك الناس في أتراحهم، فالانتخابات على الأبواب وقد تكون الجنازة حامية.

مفلح طبعوني
الخميس 28/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع