"عباس يا أعزّ احبابي أين هو الدور الامريكي الإيجابي؟؟!!



"هل هذا الدور دفع ودعم لتحصل على استقلال فلسطين مثلما دفع ودعم في كوسوفو؟!"

بين الفينة والاخرى وبعد عدة لقطات متلفزة مع عناق وقبلات متبادلة وابتسامات باهتة يدلي السيد الرئيس بتصريحات مبهمة أكاد احيانا اصاب بالغثيان وأنا اسمع كلمات لا استطيع هضمها او فهمها على الاقل. وانا اتحدث بصفة شخصية خوفا من التعميم لأنه ربما هناك من يحتج ويقول وكيف لا، فهي في محلها الصحيح (أي التصريحات).
كان متوقعا نتائجها حتى قبل بدايتها وكنتُ انا كتبت قبل عدة ايام من انعقاد هذا المؤتمر الخريفي الباهت وقلت بان المكتوب "مقري من عنوانه" ونتائجه حتمية ومسبقا كان الفشل يلوح في الافق، فقد كان كأنه عرض ازياء عابر كل واحد نمّق ديباجة عباراته وأفرغ الكيس من محتوياته وعرضوا البضاعة وبعد الهمسات واللمسات والوشوشات عبر وسائل الاعلام انفض الحشد وراح القوم.
اما ان تقول يا سيدي بان الدور الامريكي ايجابي فكيف ومتى وأين؟ كل ما نراه مجرد وعود كانت وتبخرت فلا كان انجاز ولا غيره بل فقاقيع في الهواء وتلاشت. وها هو السيد اولمرت يعتلي صهوة المنصة ويقول: من غير الممكن التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين حتى نهاية العام "عيد لِد"، ولنؤجل مسألة القدس واللاجئين الى عيد يد. فهذه المماطلة عادية وهذه التصريحات عادية وبدعم من السيد بوش الذي تعتبره ايجابيا وهو الداعم للاستيطان وللحواجز للمحافظة على امن اسرائيل، اما اطفال غزة فهم ليسوا من بني البشر فقد وُلدوا من الحجر، والدماء المسفوكة في غزة فيه "ميّة بندورة"، والجرح في سديروت هو الدم الحقيقي والكارثة الانسانية.
بصراحة يا سيدي الرئيس فأنا كل ما اراك عبر وسائل الاعلام المرئية اتفاءل بعد كل لقاء لك مع سيد اولمرت لأنني لا ارى سوى العناق والقبل والابتسامات فيتبادر الى ذهني بأن المسألة حُسمت وقُضي الامر وتمت التسوية وساد الوئام وكان الاتفاق. ولكن ما ان تنتهي هذه المشاهد وتبدأ الشفاه بالكلام، واذا هو سراب وأوهام. وعندما كنت صغيرة، بلهاء كانوا يقنعونني بان هذه سياسة انتِ لا تفهمينها، والآن كبرت وصرت افهم بالسياسة ولا احد يضحك علي بجواب مهما كانت فصيلته.
الايام تمر وطاحون الزمن يطحن الوقت طحنا ولا جديد من قريب او بعيد، كل ما في الامر هو "خض المي وهي مي"، ابتداء من المؤتمرات والقمم العربية الفارغة مرورا بالحجيج الى البيت الابيض آسف "الاسود" وخرافة انابوليس، حتى ان استقلال كوسوفو ممنوع علينا ان نذكره ولو بالاحلام لأن "مسار كوسوفو غير مسارنا"، هذا ما صرح به الناطق الامريكي، وفعلا فليس مثلنا احد ولا لنا "مثايل من خلق الله". فالنظام الامريكي الامبريالي يرانا عبئا على الحياة وقضية مستحيلة، هكذا هي الرؤيا فكيف بهذا النظام ان يقوم بالدور الايجابي  ويدعم استقلال شعب ودولة اصلا اذا لم يكونوا يعترفون بالثوابت الاساسية لهذا الشعب الذي اوصاله متقطعة بالتنكر لحق عودة اللاجئين وأرضه ممزقة بالحواجز والاحتلال ودماؤه تسيل في كل زقاق وشارع!! وبعدها يصرحون بملء الافواه بان الدور ايجابي فلو كان سلبيا كيف يكون الوضع؟
 الاجدر ان ترتبوا البيت الفلسطيني اولا ليكون معنى للكلمة فالعالم يرى ويسمع ورب من يقول: اذا كان الفلسطينيون هم انفسهم في اقتتال واحتراب داخلي ولا يرحمون انفسهم فكيف لنا بالآخرين ان يرحمونا" ورحم الله امرأً عرف قدر نفسه. وصحيح نسيت "سلّمولي" على الدور الايجابي فهو من اعز احبابي!!

(كفر كنا)

فتحية مقاري – خطيب *
الخميس 28/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع