محمد البطراوي من أعلام النقد الواقعي الفلسطيني



محمد البطراوي ناقد فلسطيني مخضرم كان له حضوره الواسع في الفضاء الفلسطيني، ورغم انه يكتب منذ الخمسينيات لم ينشر كتابا واحدا ولم يفكر باصدار كتب تحمل اسمه، لأنه كما قال ذات مرة يرغب بالتوجه المباشر للجماهير من خلال المجلة او الصحيفة.
والبطراوي من مواليد اسدود سنة 1930 وشُرّد منها الى القدس، وهناك عمل مراقبا ماليا في شركة كهرباء القدس. ولج البطراوي عالم الادب والابداع في جيل مبكر ونشر كتاباته الادبية والنقدية في الصحف والمجلات الفلسطينية والعربية، منها: "الاتحاد" و"الغد"، و"الثقافة الوطنية" و"الآداب" اللبنانيتين، و"الافق الجديد"، التي صدرت في بداية الستينيات وكان لها دور هام في خلق وبلورة واحتضان حركة ادبية فلسطينية وطنية تقدمية انسانية ملتزمة ومتميزة. وبعد احتلال المناطق المحتلة عام 1967 عمل البطراوي رئيسا لتحرير صحيفة "الفجر" بين عامي 1974 – 1975 ثم محررا ادبيا "للطليعة"، صحيفة الحزب الشيوعي الفلسطيني التي كان يرأس تحريرها المرحوم طيب الذكر بشير البرغوثي.
والى جانب عشقه للكتابة والادب فان محمد البطراوي خطاط ورسام وله الكثير من اللوحات والتجارب الفنية، وعن ذلك يقول: "اهتمامي بالاعمال الفنية ينبع من ايماني بوحدة الابداع الفني سواء في الاعمال الادبية او الفنية واعتقد ان الاديب والفنان ينهلان من نبع واحد هو نبع الهم الحياتي. ويضيف قائلا: "كان الفنان التشكيلي قبل عام 1967 بعيدا عن جماهيرنا الواسعة كانت تثقلها هموم العيش والبقاء اليومي ولقمة الخبز، ولم تكن لنا تقاليد تشكيلية سابقة بالمعنى الذي يربط هذا الفن بالجماهير معبرا عن قضيتها السياسية واليومية فاتجهت اكثر الاعمال نحو الاعمال الزخرفية من ناحية او توسلت المتعة لمن يملكون القدرة على المتعة في ظروف من لا يملكون القدرة على الحياة.
ومنذ نشأته لم ينقطع محمد البطراوي يوما عن الاهتمام بقضايا التحرر والدمقراطية والعدل الاجتماعي، فعاش في قلب المعارك وخاض النقاشات والسجالات الثقافية والايديولوجية وشارك ابناء شعبه في رفض الموت وطلب الحياة.
 واتسمت كتابات البطراوي بروح الكاتب والناقد الملتزم الجاد الذي يكتب ليوجه ويعلّم وينير الطريق ويساعد مخاض التاريخ ويدعم القوى المتنورة والصاعدة في المجتمع الفلسطيني ويدفع الجماهير باتجاه تحريرها وتخليصها من الجهل والتخلف والظلم والفقر والقهر والاحتلال.
وفي نقده يسترشد البطراوي بأس المذهب الواقعي وبالفهم الميكانيكي لعلاقة الادب والفن بالعالم المادي، مسلحا بالوعي الجمالي المعرفي، انه يرى لكي يكون العمل الادبي او الفني حاضرا فبالضرورة يجب ان يحمل هما حياتيا في اطار جمالي متكامل ذلك ان الطريقة التي يولد فيها العمل الادبي هي التي تحدد نموه الداخلي ونضجه في عقل المتلقي وارتداداتها الوجدانية وبالتالي اثرها العملي الواعي، وكذلك يجب ان يحمل الفن هويته الايديولوجية بوضوح ان يحمل جانبه المعرفي.
مح البطراوي علم من أعلام النقد الواقعي الفلسطيني، كان شديد الحضور في حقول وميادين النقد والصحافة والادب المقاتل في الارض المحتلة، واخذنا من النقد الى الثقافة ومن الثقافة الى النقد، ولنقده كان اثر كبير على توجيه الحركة الادبية الفلسطينية تحت الاحتلال، وعلى كتابات واعمال العديد من الادباء والكتاب الفلسطينيين.

(مصمص)

شاكر فريد حسن *
الخميس 28/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع