الدخول (إلى غزة) أولا



استنفدت حكومة اولمرت كل الذرائع لتتفادى شن عملية عسكرية برية حاسمة على غزة. ومثل هذه العملية، وهي تفترض توغل قوات برية كبيرة من الجيش الاسرائيلي الى عمق غزة، تحمي المستوطنات الإسرائيلية من الصواريخ الفلسطينية وقصف المدفعية. ويزعم المسؤولون أن العملية البرية قد تحمل الإرهابيين الفلسطينيين على استخدام صواريخ بعيدة المدى. وهذه ذريعة حمقاء سمعناها في حرب لبنان الثانية. ويومها قيل ان العملية البرية. لن تحمي اسرائيل من الصواريخ البعيدة المدى. ولم تتلق القوات البرية الأوامر بالتحرك. فاستمر سقوط الصواريخ القصيرة المدى، وهي تُنقل وتُنصب بيسر، ويصعب على المقاتلات الجوية تدميرها.
وتردف الذريعة الاولى ذريعة ثانية تقول أن غياب استراتيجية انسحاب من غزة يستبعد احتمال اجتياحها. ويسأل بعضهم كيف ننجح في الخروج من غزة بعد الدخول اليها؟ فالانسحاب هو مفهوم اساسي في عالم الأعمال الرأسمالي. وفي هذه الايام، يملك الوزراء خبرة واسعة في إدارة الأعمال. ولكننا نأمل أن يدركوا الفارق بين مصير أطفال سديروت، وواجب الحكومة الدفاع عنهم، وبين مصير صفقاتهم المالية.
ولا شك في ان الموازنة بين كلفة العملية البرية والفائدة المرجوة منها أمر مهم. واقترح على من يخال انه يتنبأ بالمستقبل، ويعرف مسبقًا ظروف خروج الجيش الاسرائيلي من غزة، احتمالين: الأول متفائل، ويفترض نجاح الجيش الاسرائيلي في مهمته بعد الدخول الى غزة، والحؤول دون إطلاق صواريخ «القسام» بعد انسحابه منها. وهذا احتمال ممكن وغير مستحيل. والاحتمال الثاني متشائم، ويفترض تجدد إطلاق صواريخ «القسام» بعد انسحاب الجيش. وفي الحال هذه، يوفر اجتياح الجيش الاسرائيلي قطاع غزة هدوءًا أمنيًا في المستوطنات المتاخمة للقطاع، ما يفسح في المجال أمام التفكير في خيارات جديدة.
ولكن ما مدى صعوبة دخول قوات برية الى قطاع غزة؟ فالجيش أمضى وقتًا طويلا في التدرب على مثل هذا الاجتياح. وهو يعرف ميدان المعركة معرفة وثيقة، ويفوق القوات المناوئة له عددًا وتجهيزًا. ولكن مرور الوقت يفاقم صعوبة الاجتياح. فقوات «حماس» و «الجهاد الاسلامي» تتزود بالسلاح والذخائر، وتتدرب وتزداد قوة.

* الكاتب وزير "الأمن" الإسرائيلي الأسبق ("هآرتس"، 25 شباط)

موشيه آرنس
الخميس 28/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع