أسعار المواد الغذائية تشهد ارتفاعا صاروخيا في العالم



* كبار صناع الغذاء في العالم يرفعون الأسعار، والمستهلكون الفقراء يبحثون عن بدائل أرخص *

باريس- وكالات- يتأثر الفقراء بشكل بالغ بقيام أصحاب مصانع المواد الغذائية برفع أسعار هذه المواد، حيث بلغت أسعار القمح وفول الصويا أعلى مستوياتها على الاطلاق في حين ارتفعت أسعار البن والكاكاو الى أعلى مستوياتها في عشرات السنين وليس هناك دلائل على تراجع في الاسعار في أي وقت قريب.
واتهم رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيلون بالفعل صناع المواد الغذائية وباعتها بالتربح من الارتفاع الحاد في أسعار السلع في حين يقول آخرون ان خفض أسعار الفائدة في أوروبا والولايات المتحدة قد يساعد على اذكاء هذا التضخم في أسعار المواد الغذائية.
ويواصل الطلب ارتفاعه مع تراجع المعروض بسبب سوء الاحوال الجوية في مناطق زراعية رئيسية واستخدام السلع الزراعية في انتاج الوقود العضوي وارتفاع الطلب في الاقتصاديات سريعة النمو مثل الصين والهند.
ومما يزيد من الضغوط التي ترفع الأسعار تزايد هوس صناديق الاستثمار بالسلع مع استمرار الاضطرابات في أسواق الاسهم والسندات العالمية. وتعتبر صناديق الاستثمار السلع رهانا جيدا لاموالها وسط مناخ تضخمي على مستوى العالم.
ويقول المحللون ان التضخم الكبير في أسعار المواد الغذائية من المنتظر ان يستمر في عام 2008 وان الفجوة المتزايدة بين قيمة المنتج وسعره بالعلاوات السعرية عليه قد تدفع أصحاب المتاجر الى البحث عن الخيارات الارخص وسط مخاوف التراجع الاقتصادي التي تجتاح أوروبا والولايات المتحدة.
وقال ادوارد هاندز مدير المحافظ المالية في كومرتس بنك للاستثمارات البديلة "الاسعار المرتفعة توفر المعروض في السوق لكنها ستحد من الطلب".
وأضاف: "الناس سيبدأون في الاختيار بين البدائل... (قائلين) هل اختار الاطعمة الجاهزة الغالية أم أعود للاساسيات. وهو أمر لم يعتده ابناء جيلي... نحن مقبلون على تغير كبير في أسلوب التفكير".
لكن بعض المحللين يقولون ان تضخم أسعار المواد الغذائية يمكن احتواؤه. ويقول مارتن ديبو من اينفستيك للاوراق المالية إن المنتجات الغذائية تمثل تسعة بالمئة فقط من انفاق المستهلكين البريطانيين بالمقارنة مع 12 بالمئة في أحدث حالة ركود شهدته بريطانيا في عام 1991.
وأضاف: "هناك خطر على المنتجات ذات العلاوة السعرية لكني اعتقد انها محصنة نسبيا والضغوط التضخمية يمكن احتواؤها".
ورفعت المجموعات الغذائية الاوروبية الكبرى مثل نستله ويونيليفر وكادبوري شويبس اسعار منتجاتها لتعويض الارتفاع في اسعار السلع لكن الاسعار تواصل ارتفاعها.
وبالنسبة لشركة بريطانية مثل بريمر فودز وهي من كبار مستخدمي القمح من أجل الخبز الذي تنتجه كان الاثر مأساويا فانخفض سعر سهمها الى النصف منذ بداية هذا العام وتراجع 8,8 بالمئة الى 86,5 بنس بحلول الساعة 12 بتوقيت جرينتش أمس.
وتعهد فيلون رئيس وزراء فرنسا بالتصدي "لانتهاكات" السوق بعد ان أظهر تقرير رفيع المستوى ان أسعار المنتجات المعتمدة على الحبوب والحليب في فرنسا ارتفعت في الاشهر القليلة الماضية واضاف انه سيجري تشديد الرقابة على الاسعار.
وقال: "هناك بوضوح انتهاكات من جانب الصناع وباعة التجزئة الذين يتربحون من ارتفاعات اسعار السلع الزراعية لزيادة هوامش ارباحهم".
وكانت نستله أكبر مجموعة للمنتجات الغذائية في العالم واحدة من أوائل المجموعات التي استجابت في أوائل عام 2007 برفع أسعار منتجاتها مثل قهوة نسكافيه وشيكولاتة كيتكات وأغذية الاطفال لتعويض ارتفاع اسعار السلع واتبعت شركات اخرى خطاها.
وشهدت كادبوري ارتفاع أسعار الحليب والكاكاو وعانت يونيليفر من ارتفاع أسعار الزيوت النباتية والشاي في حين واجهت جميع الشركات ارتفاع أسعار الزيوت المعدنية التي زادت من تكاليف الانتاج والتغليف والنقل.
ولا يبدو ان هذه الضغوط توشك على الانحسار مع ارتفاع اسعار الذرة وفول الصويا والقمح في بورصة شيكاجو للحبوب بما بين 15 و21 بالمائة منذ بداية العام وبلوغ سعر الكاكاو الاميركي أعلى مستوياته في 24 عاما وارتفاع سعر البن الى أعلى مستوياته في عشر سنوات.
وارتفعت اسعار القمح مدفوعة بموجات جفاف في مناطق زراعة رئيسية مثل استراليا وشرق أوروبا وشمال الصين وبقيود على التصدير في الارجنتين وروسيا وقازاخستان تزامنت مع تزايد الطلب في دول مثل الهند والصين.
وبلغ سعر قمح الربيع الاميركي الذي يستخدم في انتاج الطحين (الدقيق) عالي البروتين أعلى مستوياته على الاطلاق الاثنين ومن المتوقع ان تبلغ مخزونات القمح الأمريكية أدنى مستوياتها في 60 عاما بحلول نهاية عام التسويق في 31 أيار المقبل.

الأربعاء 27/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع