تركيا والأكراد والأصابع الأمريكية



العملية العسكرية التركية الأخيرة شمال العراق المحتل ضد حزب العمال الكردستاني (بقيادة المناضل الأسير عبد الله أوجلان)، بمساندة استخبارية أمريكية، وبمساندة عسكرية إسرائيلية بطائرات دون طيار- لا يمكن النظر إليها بمعزل عن المشاريع الإمبريالية في المنطقة، وفي مركزه تقسيم العراق وتفتيته إثنيًا ومذهبيًا، من جهة؛ وعن التحالفات التقليدية لواشنطن في المنطقة، لا سيما مع أنقرة، من جهة أخرى.
فرغم أن الإقليم الكردي هو الأكثر تعاونًا مع الاحتلال الأمريكي، فإن صمت البيت الأبيض والاتحاد الأوروبي والحكومة العميلة في بغداد، يظهر كثافة التجهيزات الدبلوماسية التركية، واندراج العدوان التركي ضمن السعي الاحتلالي لتصفية أية قوى يسارية علمانية لا تتواطأ معها، والإبقاء على القوى المتعاونة معها لضمان السيطرة الإمبريالية على مقدّرات الشعب العراق بمختلف فئاته، حتى عند انسحاب قوات الاحتلال منه.
فمنذ مطلع التسعينيات نجحت التوغلات التركية الكبيرة في شمال العراق في تحويل مطلب حزب العمال الكردستاني، من "دولة كردية مستقلة في جنوب شرق الأناضول" إلى "جمهورية تركية دمقراطية"، ثم إلى مطالب "ثقافية" و"حل ضمن وحدة التراب"، وإن عادت إلى نغمة "الحكم الذاتي" عند تغيّر بعض الظروف.
وعلى الصعيد العسكري كان من نتائج العمليات العسكرية خسارة حزب العمال لقواعد آمنة داخل تركيا وعلى الحدود مع العراق، واضطراره إلى الانعزال في منطقة جبل قنديل والهرب أحيانا إلى إيران.
من هنا فإن لتركيا مصلحة في تجنّب الاصطدام بأية قوات عسكرية غير حزب العمال مثل البشمركة، وعندها يمكن للقيادة الكردية أن تدّعي أن الهدف من العملية هو أكراد العراق وليس حزب اوجلان، وحينها لن يبقى الدعم الأمريكي ولا العراقي ولا الكردي لأنقرة غير مشروط كما هو الآن.
إننا إذ نؤكد على حق الأكراد في ممارسة حقوقهم القومية، نحذّر من أن يتم هذا ضمن بسط الهيمنة الأمريكية، على غرار ما حدث في كوسوفو. ونطالب بوقف هذا العدوان التركي الأمريكي على القوى التقدميّة المناضلة بين الأكراد.

 

(الاتـــــــــحـــــــاد)

الثلاثاء 26/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع