بلدي



أخيرًا فهمت لماذا لا اشتاق الى بلدتي التي احب، التي ركضت فيها حافيا،كما كنت اشتاق اليها كلما سافرت، وكنت اكره السفر
ولكن اليوم اراها تجعلني اعشق السفر مع اني اكره الطائرات والمطارات واجدني افقد فرحة لقائها بعد  غياب.وان غبت  عنها في اوروبا، تأتيني كوابيسها ليلا فاستفيق" ريقي ناشف"مذعورا من عنفها
ولا استطيع النوم  بعد ذلك!!
بلدتي ليست  كما كانت اصبحت غاية في الازعاج، تشوهت بلدتي.
كانت هادئة واصبحت  صاخبة بصراخ بعض من خطباء الجمعة في المساجد بمكبرات الصوت التي تصم الاذان.(مع اني احترم الصلاة والمصلين امي تصلي واخوتي وزوجتي وابنتي وبعض اولادي) مزعجة بأعراسها ،التي يملأها الفرح العنيف وشتى انواع المدمرات الصوتية التي تذكرني بجبهة حرب مزعجة بشوارعها الضيقة المكتظة بالسيارات ،ومكبرات الصوت التي  تصرخ البندورة ودورات السباحة،ودورات الحاسوب وضريبة المجلس المحلي،وعزومة على الخطبة والعرس،وموعد التسجيل للسفر الى مكان لا يهمني،تصرخ البطيخ والسمك والمشمش، واللحوم والـ "??????" على انواعها، دون انقطاع، وبقلة ادب فياضة، في ساعات الصباح والظهر والمساء، لقد ابتلع الميكروفون  صوت بلدتي وجعلها مسخا صراخا عنيفا مستديما.
جعلها سوقا رخيصا.
هذه ليست بلدتي،التي اعرف،اشعر بالغربة فيها  اكثر من لندن ومن  روما.
لا لأني لا احبها، بل لأني احبها كما كانت وليس كما آلت اليه.
أصبح العنف عنوانها
مات الرجال والحياء
قالت لي ابنة بلدتي التي مات ابوها الذي احببت منذ عام وكان صديق ابي، قالت عندما حركت لي السكر في قهوة صباح قائظ من على "قصة" دكانها:" من يوم ما مات ابوي،بطل طعمه للحياة". كان ابوها وجه البلد،رجلا كريما  مسامحًا. بسيطا
طيبا وحسن الملقى ويصلي!!
وكانت صادقة
هززت رأسي موافقا
وودعتها حزينا، يملأني الشوق لابيها وابي
لبلدتي التي اصبحت بلدة غير بلدتي التي احب

 

محمد بكري
الثلاثاء 26/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع