موسيقيون فلسطينيون وأجانب يودّعون وجد زعرور بمقطوعات ساحرة !



ما إن انطلق رمزي أبو رضوان، ورفاقه محمد القططي، وطارق رنتيسي، وجفوا ديلوغيه، بعزف مقطوعة "في سلام" للموسيقار الفلسطيني العالمي، عيسى بولص، حتى بدأ ونيس زعرور القابض على البزق، يطلق لحزنه العنان، مبكيا والدته أولاً، والبزق بعدها، والحضور بعد أقل من لحظات.
لم يكن سهلاً بالتأكيد على ونيس زعرور، أن يودع شقيقه الفنان الشاب وجد زعرور، الذي اختطفه حادث سيارة من بين أصدقائه وأهله، ومحبي ابتسامته الدائمة، وحيويته، وتفاؤله الذي لا يفارقه، بالموسيقى، وأن يعزف مقطوعة موسيقية أهداها خاله بولص لشقيقه الراحل، في الأمسية التي نظمتها مؤسسة الكمنجاتي الموسيقية، وفاء لروح زعرور، الذي كان من الفاعلين فيها، وروح المخرج الإيطالي، ماركو دينوي، "صديق الكمنجاتي والفلسطينيين".
لكن ونيس، الذي بدا متماسكا على عكس بزقه، استطاع والمرافقون له، خلق جو سحري بموسيقاه، أوحت للجميع بأن روح وجد ودينوي تحلقان في قاعة مركز خليل السكاكيني الثقافي، التي طفحت بجمهورها "الواجم"، "المتأثر"، "المتذكر"، "الشارد"، ليس سلطنة وطربا فحسب، بل حزنا، وحبا وصل حد البكاء.
كثير من الفنانين الفلسطينيين والأجانب، من أصدقاء وجد ومحبيه، وممن استشعروا أهمية المناسبة، شاركوا بمقطوعات موسيقية ساحرة، مجملها من تأليفهم.
البداية كانت مع "فانتازيا" دانيا الشلة، تلك الصبية التي انسابت الموسيقى من أناملها على مفاتيح البيانو رطوبة مسائية تنعش القلب، وتصعقه بما هو أقوى من الكهرباء، تلاها الأميركي ماثيو رود بمقطوعة يابانية على الجيتار.
بعد رود كانت مقطوعة الشهير عيسى بولص لابن شقيقته وجد، تلاها معزوفة "هدى" لمحمد القططي، وهي مقطوعة بمقاييس عالمية، لابد أنها خرجت من الصميم كونها لامست الصميم، وهو ما أكمله رمزي أبو رضوان، بمقطوعته "بدون عنوان"، والتي تضمنت الكثير من العناوين الجميلة، فتدلت كعنقود على جيد والدة وجد، قبل أن تنهمر دموعا على وجنتيها، وندى على نوافذ القاعة.
وقدم العازفون مقطوعة أرمينية فائقة الروعة حملت اسم "كاروت"، قبل أن يطلق ابن مخيم الفوار اليافع، وأحد نجوم اسطوانة "عيون الكلام" حديثة العهد، عدي الخطيب، كل المساحات لصوت يعلن أنه قادم، وبسرعة الصاروخ، ومن بين الأزقة الضيقة، والمنازل المتشابكة، ليكون أحد أبرز الفنانين الفلسطينيين، وربما العرب، إذا ما واصل الكمنجاتي، وغيره من المؤسسات الثقافية، والموسيقية منها على وجه التحديد، احتضان هذا الصوت العملاق الذي يخرج من جسد نحيل، ووجه بملامح فلسطينية حميمة، وروح محمّلة بالوجع والمآسي، رافقه بالعزف على العود عند غنائه موشح "يا بهجة الروح" سائد كرزون، مرتجلاً بداية، قبل اتساع حنجرة عدي الصغيرة لتبتلع المكان بمن فيه.
وقدم الفنان ميشيل سجراوي، عزفا منفردا على الجيتار، لاقى كغيره استحسان الحضور، قبل أن ينطلق العازفون في رحلة مع "الجاز" بدأت بمقطوعة القططي، "شارع ركب".
من الجدير بالذكر أن فنانين عدة شاركوا في العزف والغناء في هذه الأمسية، التي لابد من توفر الرعاية لتسجيل مقطوعاتها فلسطينية التأليف بالسرعة التي تتيح لها الانتشار العالمي، هم: رمزي أبو رضوان (كمان وبزق)، محمد القططي (بيانو وأوكورديون)، طارق رنتيسي (إيقاع)، ونيس زعرور (بزق)، جفوا ديلوغيه وكيتي تايلور (كونتر باص)، إضافة إلى العزف المنفرد لدانيا الشلة على البيانو، وماثيو رود على الغيتار، وميشيل سجراوي على الآلة نفسها، وصوت المبدع عدي خطيب، الذي كان لمشاركته نكهة حلوة المذاق، طربت لها آذان حضور أمسية "وجد"، كما أحب الكثيرون تسميتها.

يوسف الشايب *
الأثنين 25/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع