عن ساركوزي والكارثة والسياسة الكارثيّة



حيفا – كتب محرّرو "الاتحاد" – أثبت الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وفي مدّة زمنية قياسيّة، أنه يستحق اللقب الذي "حازه" رئيس الحكومة البريطاني السابق توني بلير، "بودل بوش"- وعن جدارة. لا بل إنّ ساركوزي، بفرنسيته الحميميّة، يتقن الدور أكثر من بلير ذي اللكنة الإنجليزية الثقيلة.
الصرخة الأخيرة في مزاد إفلاس ساركوزي كان إقتراح "مسؤولية" كل طفل فرنسي في الصف الخامس على طفل يهودي قُتل في معسكرات الإبادة النازيّة. وهو ما عارضه الفرنسيون بمعظمهم.
وفضلا عن غايته الديماغوغية، يتّسم هذا الاقتراح بالوقاحة أيضًا. لأن طارحه مُـطالبٌ بتحمّل مسؤولية تفشّي كراهية الأجانب في فرنسا، وبضمنها الإسلاموفوبيا، والتي كانت له اليد الطولي في تأجيجها حين كان وزيرًا للداخلية؛ ومسؤولية الضواحي وأحياء الفقر والمهاجرين والطلبة والعاملين وغيرها من القضايا الاجتماعية والطبقية الملحّة اليوم في فرنسا.
ولكن المراد من إثارة موضوع الكارثة "كل اثنين وخميس" في فرنسا هو أخذ النقاش إلى ساحة أخرى، تخدم أيضًا موضعة ساركوزي نفسه حليفًا استراتيجيًا للإمبريالية الأمريكية وشريكا في غنائمها في منطقتنا وفي أفريقيا وغيرها.
إنّ السؤال الأساسي المطروح اليوم في شتى أصقاع الأرض، هو الموقف من المشاريع الإمبريالية، ومن المسار الكارثي - مسار الحروب والإفقار والقمع والاستغلال وتدمير البيئة - الذي تقود إليه سياسات واشنطن وحلفائها. ومن الواضح أنّ ساركوزي اختار اللهاث المسعور في هذا المسار. وكل الألاعيب والمناورات التي يخلقها وينفثها، من كارلا بروني وحتى مسؤولية أطفال فرنسا عن جرائم النازيّة، ليس في مقدورها إخفاء أو تمييع جوهر الصراع والأسئلة الخطيرة المترتبة عليه.

الأثنين 25/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع