الموقف الأوروبي من فلسطين.. فرنسا نموذجاً



على الرغم من حالة الانقسام الفلسطينية، والتورط في بعض الأحيان من قبل بعض الفصائل الفلسطينية في عمليات تستهدف المدنيين الاسرائيليين مما تسبب حرجا لكل أصدقاء الشعب الفلسطيني والمتعاطفين مع عدالة قضيته ورفع المعاناة والوجع عنه والمتحمسين لحقه في التخلص من الاحتلال ونيل الاستقلال، وعلى الرغم من ضعف الأداء الفلسطيني في التعامل مع المجتمع الدولي، وعجز الفلسطينيين عن اختراق المجتمع الاسرائيلي وعدم مقدرتهم في كسب المزيد من الانحيازات الاسرائيلية لتطلعاتهم المشروعة في الاستقلال والعودة والمساواة وفق قرارات الأمم وقيم المجتمع الدولي، على الرغم من كل ذلك، يقف الأوروبيون وفي طليعتهم الموقف الفرنسي موقفاً حازماً عنيداً مؤيداً للشعب الفلسطيني، وقيادته الشرعية ومؤسساته الوطنية داعمين لهم على المستويين السياسي والاقتصادي.
على المستوى السياسي ثمة وضوح في الموقف الأوروبي والفرنسي تحديداً في تسمية الأشياء بمسمياتها، تم ذلك خلال خطاب الرئيس ساركوزي بافتتاح مؤتمر باريس لدعم إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة كما قال يوم 17/12/2007 وتم ذلك أيضاً خلال زيارة وزير الخارجية كوشنير لفلسطين يوم السبت 16/شباط/,2008 تمهيداً للزيارة المرتقبة للرئيس ساركوزي لكل من فلسطين واسرائيل.
يقول كوشنير في فلسطين:"أنا أتحدث باسم فرنسا، ولكنني أعتقد أن أغلبية الدول الأوروبية تؤيد هذا الموقف". على المستوى السياسي يقول كوشنير:
1- ان على اسرائيل تجميد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية, وتفكيك جميع المستوطنات المسماة غير الشرعية.
2- إعادة فتح المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية ولا سيما بيت الشرق وغرفة التجارة.
3- من المؤكد أن تحسين ظروف التنقل في الضفة الغربية وباتجاه غزة يمثل شرطا ضروريا لتحقيق انتعاش اقتصادي حقيقي ومستديم, كما يصر على ذلك كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي, وإزالة الحصار عن قطاع غزة, اذ يجب أن يتاح انتقال السلع والأشخاص بالاتجاهين.
أما على المستوى الاقتصادي، يلخص كوشنير الموقف، كما يلي:
1- لقد دفعت فرنسا في مطلع كانون الثاني مبلغ 35 مليون دولار الى الميزانية الفلسطينية مباشرة, الأمر الذي أتاح اجتياز مرحلة صعبة وأسهم في دفع أجور الموظفين عن ذاك الشهر.
2- لقد تم وضع آلية من قبل المجموعة الأوروبية تحت عنوان "بيغاز" لمساعدة الفلسطينيين, وهي قادرة فعلا على الإسهام في تحسين الوضع الاقتصادي, خاصة وأنها تكمل ولا تنافس الآليات الأخرى لتحويل الأموال, أما فرنسا فلقد أرسلت الى وزارة المالية الفلسطينية مباشرة معونتها الثنائية للميزانية, علما أن فرنسا ساهمت بحصة لا يستهان بها حوالي 17 بالمائة من الميزانية الأوروبية, وستصل المساهمة الفرنسية الى 300 مليون دولار سنويا منذ بداية عام2008، وقد أتاح ذلك لحكومة سلام فياض دفع الأجور والمتأخرات الى المؤسسات والى الموظفين, مما أدى الى ارتفاع في الودائع المصرفية وانخفاض في مديونية العائلات الفلسطينية المتراكمة.
3- يشكل الاتحاد الأوروبي جهة فاعلة رئيسية ولا سيما بوصفه أول جهات الدعم المالي للفلسطينيين, وسوف تحدد فرنسا لنفسها, بصفتها رئيسة للاتحاد الأوروبي بدءاً من أول تموز 2008 أهدافاً طموحة للوصول الى حل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
الموقف الفرنسي خاصة، والأوروبي عموما، يشكل رافعة سياسية واقتصادية داعمة ومساندة للشعب الفلسطيني, فالصمود على الأرض يحتاج لمقومات مادية, والدعم الأوروبي والفرنسي هو أحد أدوات هذا الصمود في مواجهة سياسة العقوبات الاسرائيلية التي تجعل الأرض الفلسطينية طاردة لسكانها وأهلها وشعبها، من خلال التضييق والحصار ومنع انتقال السلع والأشخاص والأموال بين الضفة والقدس والقطاع وتمزيقها وعدم ترابطها مع بعضها البعض، بينما يسعى الأوروبيون في التعامل مع الضفة والقدس والقطاع باعتبارها وحدة جغرافية وسياسية وسكانية واحدة، وهذا يدلل على مدى العطف والاحترام الذي يحظى به الشعب الفلسطيني على المستوى الأوروبي وخاصة في فرنسا التي يقودها رئيس من أصل يهودي ووزير خارجيته كوشنير أيضا يهودي ومستشاره الدبلوماسي يهودي، ومع ذلك تتخذ الإدارة الفرنسية موقفاً حازماً قوياً مناهضاً للاحتلال الاسرائيلي ومسانداً لحق الفلسطينيين في جلاء الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال للأرض الفلسطينية المحتلة التي حددها الرئيس ساركوزي في الضفة والقدس الشرقية والقطاع.


hamadeh.faraneh@alghad.jo
عن "الغد" الاردنية

حماده فراعنة
الأحد 24/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع