تحويل الدولة من ترسانة عسكرية الى حديقة غنّاء ليس مستحيلا



هناك من يقدس الحياة وحبها ويجلهما وهناك من يضرب بها عرض الحائط ويدوس على قيمها وعلى حبها وعلى جماليتها وعلى حق البشرية ان تحيا حياة انسانية جميلة وهادئة وسعيدة، باستقرار وراحة بال واطمئنان على المستقبل، وهناك من يسعى ويعمل بكل المحبة والصدق والوفاء لكي تكون البشرية كلها عائلة واحدة، تعمل دائما من اجل سعادتها ونبذ الاحقاد من قلوبها وهناك من يعمل لتحويل المجتمع البشري الى غابة والعمل بقوانين الغابة، خاصة القوي يأكل الضعيف وقوانين العربدة والفوضى والتسيب متباهيا بعربدته وتسلطه ودوسه على قيم الحياة الجميلة مما يعني انه يجل موت القيم الانسانية الجميلة، وبدلا من الترنم بأناشيد حب الحياة وجماليتها وقدسيتها والترنم باناشيد الاممية وتقديس الانسانية والتباهي وابراز المشاعر الانسانية الجميلة يتباهى بترديد اغاني الحقد والتمييز والعنصرية اغاني دوس القيم الانسانية الجميلة والاستهتار بها وقتلها وتشويهها بسلوكيات وحشية، وعندما يطفح قلب الانسان بالمحبة للحياة وجماليتها وقدسيتها تكون افكاره ومشاعره واحلامه واهدافه وسلوكياته جميلة ومفيدة، فكيف اذا كان مسؤولا؟ نعم ان المسؤول الذي يفكر تفكيرا جميلا ويعمل دائما من اجل تعميق جمالية الممارسات في
المجالات كافة، وتوطيد العلاقات بين بني البشر كأسرة واحدة، فان النتائج ستكون
ايجابية، وفي هذه الظروف بالذات التي يتميز بها حكام اسرائيل بانعدام المسؤولية
تجاه الجماهير وحقها في العيش بسلام وراحة بال واستقرار واطمئنان على المستقبل وعلى مكان العمل، يتحتم على الجميع ان تكون الاولوية امامهم والقاسم المشترك
بينهم وعدم اهماله هو الواجب المتجسد في تعزيز النضال من اجل انجاز السلام العادل والشامل والدائم ودفع كل متطلبات ذلك، ليعيش ابناء الشعبين بصداقة والعمل الدائم على تعزيزها وتعميق المشترك بينهم.
تتميز الاوضاع في الدولة بكثرة الكوارث في عدة مجالات،منها على سبيل المثال لا الحصر، كارثة استمرار الاحتلال للاراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية، وما يتمخض عن ذلك من كوارث اخلاقية وسياسية واقتصادية وثقافية، وكارثة العنصرية والاصرار على التعامل مع العرب بتمييز وعنصرية واستهتار، وكارثة الغلاء وارتفاع اسعار المواد الاستهلاكية من جهة وبالمقابل كارثة التعامل مع الانسان كاداة لاثراء الاغنياء والسير وفق املاءاتهم ويا ويح من يتصدى لها ويرفضها ويناضل ضدها، والكارثة الاكبر والاكثر ضررا هي كارثة البطالة والتي اصابت الضمير ايضا وهذه جريمة بحد ذاتها، لان تعطل الضمير عن العمل والاحساس وتسيير الامور هو جريمة، ومن نتائج كارثة البطالة التي اصابت الضمير الاسرائيلي، تواصل قهقهة الاحتلال وصليل حرابه وازيز رصاصه وزعيق مستوطنيه الهستيري المتميز بحقده الحيواني للفلسطينيين، وبتواصل تلك القهقهة وذلك الزعيق، تفتح ابواب وتغلق اخرى، تفتح الابواب المؤدية الى المستنقعات المليئة بحشرات العدوان والاستعلاء العنصري والدوس على القيم الانسانية الجميلة والحاملة لجراثيم الفاشية والنازية ودوس القيم الجميلة، والتي تحوم وتستقر في العديد من المؤسسات والمراكز والمواقع، من خلال افكار واهداف ومخططات وبرامج الماسكين بزمام الامور غير آبهين لما يترتب عن ذلك من اخطار، وبالمقابل وبالاصرار على اطلاق قهقهة الاحتلال وافكاره واهدافه، تغلق الابواب في طريق حسن الجوار والتعايش الانساني الحقيقي باحترام وتعاون وتآخ، وتغلق الابواب في طريق التوجه الانساني الحقيقي نحو السلام والمحبة.
تفترض الاوضاع وللبقاء على قيد الحياة الاستعداد للاقدام على الحلول الضامنة
ومئة بالمئة، الامن للجميع، الامر الذي لا يتوفر اطلاقا عند حكام اسرائيل من
كافة الاحزاب السلطوية، وهم يفهمون الحوار على انه هو حوار السيد والعبد، حوار
لفرض الموقف الاسرائيلي على الفلسطينيين وما عليهم الا الرضوخ والاستسلام
لاوامر السيد الذي يعطي ويقدم دائما اسوا وابشع ما عنده، ولا يتحدث الا بلغة العربدة والمدفع والبندقية والدبابة والطائرة الحربية والقنبلة، واقامة الجدران الفاصلة ومصادرة الارض، ويريد من الفلسطيني ان لا ينتقد ذلك اطلاقا وان لا يرفضه واذا رفضه فهو ارهابي ولا يستحق الحياة!! وهذا هو منطق الابتزاز العسكري السياسي، لان الامن الراسخ وبكل بساطة وتردده الحياة نفسها يوميا وعلى مدى(24) ساعة، لا يمكن تحقيقه والحصول عليه الا عن طريق ازالة اسباب ومصادر عدم الثقة والتوتر والعداء المتجسدة في الاحتلال والاصرار على التمسك بافكاره واهدافه.
تنادي الارض على حكام اسرائيل سائلة: ما عندكم اليوم؟ ويجيبون بمباهاة
واعتزاز: كل شيء ما عدا السلام الحقيقي وحب الجيران، وتنادي الحياة سائلة اياهم
ايضا عما عندهم فيجيبون متباهين بذلك: الاستهتار بحياة الجماهير في الدولة وفي
الدول المجاورة وبحقها في العيش الانساني الجميل باستقرار وهدوء واطمئنان.
نعم ان حكام اسرائيل وبناء على الواقع القائم والملموس، بمثابة مهندسين يصرون
على وضع تصاميم تزيد الحواجز والسدود بين ابناء الشعبين، وتعمق الاحقاد والكراهية بينهم، وبين الشعب الاسرائيلي نفسه وحقه في حياة سعيدة وجميلة تتميز بالتعاون مع الجيران لما فيه مصلحة الجميع، يصرون على ان يكون دستورهم، تجريد الانسان من الحقوق، الانسان الفلسطيني من حقه في الحياة باستقلال وحرية وكرامة في دولة بجانب اسرائيل، والاسرائيلي من حقه في الحياة الخالية من نزعات العربدة والتسلط على الآخرين ودوس القيم الانسانية الجميلة، يصرون على عدم تذويت الحقيقة المتجسدة في انه طالما تواصل انبعاث النواح والاحزان والدموع من النوافذ الفلسطينية والزغاريد والفرح من نوافذ الاستيطان وغرف حكام الحرب والاستهتار بالحياة، غرف حكام دوس القيم الانسانية الجميلة، لن يكون السلام الحقيقي وهداة البال والاستقرار الدائم، وان السلام الدائم والراسخ والشامل لن يكون الا بتبني برنامج الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة وعمودها الفقري،
الحزب الشيوعي الاسرائيلي، اليهودي العربي الاممي، لانه البرنامج الواقعي والعقلاني الذي يضمن تحويل البنادق الى اقلام والدبابات الى غرف دراسية والدولة
من ترسانة عسكرية الى حديقة ورود وزنابق غنّاء.

سهيل قبلان
السبت 23/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع