استقلال كوسوفو يفجّر غضب الصرب: إحـراق السـفارة الأميركيـة في بلغراد



موسكو تحذر من فتح «صندوق الشياطين»

صبّ الصرب، أمس، غضبهم على الولايات المتحدة، واحرقوا سفارتها في بلغراد، في أعقاب تظاهرة ضخمة شهدتها العاصمة احتجاجاً على استقلال كوسوفو، فيما دعت موسكو إلى استئناف المفاوضات حول الوضع القانوني للإقليم، محذرة من فتح «صندوق الشياطين» في أوروبا.
واقتحم نحو ألف صربي، معظمهم من الشبان الملثمين، الأسوار المحيطة بالسفارة الأميركية في بلغراد، فيما دخل العشرات إلى المكاتب، محطمين الأبواب والنوافذ بالعصي والعوائق الحديدية، حيث ألقوا بالأوراق وبعض من الأثاث من الشرفات.
وأضرم المحتجون النار في الطابق الأرضي من المبنى، كما أحرقوا الأعلام الأميركية ورفعوا أعلام جمهورية صربيا فوق السفارة، فيما هاجم آخرون مبنى سفارة كرواتيا القريبة، وسيارة كانت متوقفة أمام سفارة كندا، وسط هتافات «صربيا، صربيا»، قبل أن تتدخل شرطة مكافحة الشغب، معززة بالعربات المدرعة، حيث ألقت الغازات المسيلة للدموع لتفريقهم.
وقالت السفارة إنه تم العثور على جثة محترقة داخل المبنى لكنها أكدت انها لا تعود لأحد موظفيها.
وحثّ المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية شون ماكورماك الحكومة الصربية على حماية سفارة بلاده في بلغراد، مشيراً إلى أنّ السفير الأميركي كان في منزله وقت الهجوم، وأنه على اتصال مع المسؤولين في الوزارة، فيما أعرب المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة زلماي خليل زاد عن «استنكاره» لإحراق السفارة، مضيفاً أنه سيطلب من مجلس الأمن بياناً يدين الهجوم.
وكان نحو 150 ألف شخص تجمعوا في وسط بلغراد في تظاهرة ضخمة هتف خلالها المحتشدون «صربيا لنا» و«كوسوفو هي صربيا»، فيما رفع بعضهم أعلام إسبانيا ورومانيا، اللتين تعارضان استقلال كوسوفو، ولافتات كتب عليها «أوقفوا الإرهاب الأميركي».
وفيما غاب الرئيس الصربي بوريس تاديتش عن التظاهرة، لوجوده في رومانيا، تقدم رئيس الوزراء فويسلاف كوستونيتشا المتظاهرين. وقال، في كلمة أمام الحشد، «هل تقبل أية دولة في العالم بمطالب (الدول الكبرى) التنازل عن هويتها... لا أحد في صربيا يملك الحق في الموافقة على ذلك»، مضيفاً أنّ صربيا ليست وحدها وهي «لن تنسى سياسة المبادئ التي يتبعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصداقته». وما إن ذكر كوستونيتشا اسم بوتين حتى علت صيحات التهليل من الحشود.
من جهته، قال زعيم الحزب القومي توميسلاف نيكوليتش أمام المتظاهرين «لن يهدأ لنا بال، حتى يعود كوسوفو إلى السيادة الصربية»، مشيراً إلى أنّ الزعيم النازي أدولف هتلر «لم يستطع أن يأخذ كوسوفو منا، وبالتأكيد فإنّ (القوى الغربية) لن تتمكن من القيام بذلك اليوم».
إلى ذلك، دعا وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إلى استئناف المفاوضات بشأن الوضع القانوني للإقليم، مشيراً إلى أنّ موسكو ستوجه جهودها في ظل الوضع الراهن بالدرجة الأولى نحو المحافظة على الشرعية الدولية، فيما حذر مستشار الرئيس الروسي للشؤون الأوروبية سيرغي ياسترزيمبسكي من أن الاعتراف باستقلال كوسوفو سيفتح «صندوق باندورا»، متسائلاً «ماذا ستكون النتيجة إذا فتح الصندوق... من الواضح أنّ الصراعات الانفصالية التي تواجهها العديد من الدول الأوروبية ستتزايد».
وتقول الأسطورة اليونانية إنّ باندورا كانت أول امرأة وجدت على الأرض، وأنّ الآلهة حذرتها من فتح أحد الصناديق، لكنّ فضولها دفعها إلى فتحه ما أدى إلى انتشار الشياطين في الأرض.
من جهته، دعا البابا بندكت السادس عشر، خلال لقائه سفير صربيا الجديد لدى الفاتيكان، إلى «الاحترام المتبادل والمصالحة» في كوسوفو، مطالباً جميع الأطراف بـ»التصرف بحذر واعتدال».
وأعلنت الحكومة الإيطالية رسمياً اعترافها باستقلال كوسوفو، فيما اعتبر رئيسها رومانو برودي أنّ هذا الإعلان ليس موجهاً ضد صربيا، ولن يؤثر على العلاقات بين روما وبلغراد.
في المقابل، رفض الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز الاعتراف باستقلال كوسوفو، ووصفه بأنه «سابقة شديدة الخطورة»، مشيرا الى أن هذا الأمر كان «جزءاً من ضغوط الولايات المتحدة».
(أ ف ب، أب، رويترز،
د ب أ، يو بي أي)



الجمعة 22/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع