البقيعة.. بين أور وفينوغراد



لم نفاجأ بماهية التقرير الداخلي لشرطة إسرائيل حول أحداث البقيعة، الصادر بالأمس، والذي ألقى باللائمة على بعض الضباط بسبب فشل "العملية" والفضيحة التي تكبّدتها الشرطة، وكذلك على الأهالي الذين تصدّوا للعدوان البوليسي العنصري، معتبرًا أن مصدر الأحداث "اجتماعي-قومجي" وليس الهوائيات، أو، كما يقول مثلنا الشعبي، "مش عَ الرمّانة.. ع قلوب مليانة".
ولا يستطيع الواحد أن يتغاضى عن أوجه الشبه بين هذا التقرير البوليسي، وتقرير لجنة فينوغراد لفحص فشل العدوان الإسرائيلي الأمريكي على لبنان في تموز 2006؛ فكلاهما غيّب القضية الأساسية والمركزية، وهي مجرّد وقوع العدوان، وكلاهما تركّز في تقنيات الفشل المدوّي.
ومن جهة أخرى، فإن ما حدث في البقيعة في أكتوبر 2007 يعيد إلى الأذهان ما حدث في العشرات من مدننا وقرانا في أكتوبر 2000 الأسود، من عدوان مدبّر ومبيّت، استخدم فيه الرصاص الحيّ أيضًا، ضد الشباب العرب. وإلى العدائية في تعامل الشرطة مع العرب، التي أشارت إليها لجنة التحقيق الرسمية (لجنة أور).
لقد أثبتت أحداث البقيعة أنّ السلطة وأذرعها المختلفة، ترى فينا جميعًا - وبغضّ النظر عن الانتماءات دون القومية – عربًا، يمكن الاعتداء عليهم واجتياح قراهم ومدنهم بوقاحة بلا وازع قانوني أو أخلاقي؛ وأنّ "حلف الدم" المزعوم لا يحمي أبناء الطائفة المعروفية من السياط السلطوية التي تطاول كل جماهيرنا العربية.
في أكتوبر 2007، تعرّضت البقيعة لمحاولة تأديب بوليسية، تحطّمت على صخرة وحدة الأهالي الكفاحية ووقفتهم المشرّفة في وجه المعتدين. هذه الأحداث أدّت إلى فتح عيون كثيرة في القرى العربية الدرزية، رغم سياسة غسل الدماغ السلطوية العسكرية، وإلى طرح أسئلة هامة تريد السلطة وعملاؤها إبقاءها طيّ الكتمان، حول الجوهر العنصري لسياسة الدولة تجاه المواطنين العرب، أيًا كانوا، وحول الطبيعة العدوانية لتعامل أجهزة "الأمن" مع أي مواطن يصرّ على العيش بكرامة في أرضه.

(الاتـــــــــــحـــــــــــاد)

الجمعة 22/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع