من ظلام الكارثة الى ظلام غزة



في الزمن العاهر تختفي كل القيم، وفي الزمن العاهر يمحى التاريخ من بعض العواصم، وفي الزمن العاهر تموت الهمم من الزعامات المتعفنة، وفي الزمن العاهر تسود العربدة وتتلون الوجوه كجلود الحرابي، وفي الزمن العاهر تفيض محيطات الكذب وتلاطم امواجها حقائق العدالة، تقر هيئات الأمم العاهرة مفاهيم واكاذيب اكل الدهر عليها وشرب، وتُعمى عيون الهيئات عن معاناة الامم والقتل اليومي والاحتلال، ويصبح قانون الجريمة روتينيا عاديا لا يستحق النقاش والادانة!! يتخذ مجلس هيئة الامم قرارا بجعل 26/1 من كل عام (يوم الكارثة) ولا يخص هيئة الامم ولا يعنيها الكوارث التي تجري منذ 60 عاما ولا تزال على يد حماة الدمقراطية من العالم المتحضر (الحر) سواء في العراق او افغانستان او فلسطين واخيرا ما يجري في القارة الافريقية. تتسلط الاضواء على اوشفيتس وتغرق غزة في ظلام دامس كبحرها، يموت المرضى وتختفي الادوية ووسائط النقل وتضرب المجاعة اطنابها، وفي الزمن العاهر يسجد الملوك والرؤساء والامراء واصحاب الدشاديش والكروش ومن يقبضون على حباسات الذهب الاسود، وفي الزمن العاهر يتنزه المجرم الاول في عالم اليوم ويرقص بالسيوف العربية، وفي الجزيرة العربية!! ولا يُسأل عما يجري في بغداد الرشيد!! وفي الزمن العاهر ينسى اصحاب السيادة واصحاب الاسمنت شعوبهم ويرفعون ابهامهم بوجه الجلاد علامة الانتصار له!! عجيبة هذه المفارقات. وفي الزمن العاهر يقف الرئيس مشدودا لكرسيه رغم الفضائح ورغم الدمار وشلالات الدماء من كلا الطرفين ويصر على البقاء بلا حساب!! يبقى الرئيس رغم الهزيمة ليعد الامة للحرب القادمة، ترى ماذا يعشش في عقول العنصريين؟؟ وفي الزمن العاهر يقف المستشار القضائي عاريا كيوم ولدته امه، الا متلفعا بثوب الحقد والعنصرية وكراهية الغرباء!! وبجرة قلم واحدة يسدل الستار على جرائم قتل لثلاثة عشر شابا في عمر الزهور ويشرعن الجريمة. ما اصعب هذه المفارقات وما ادهشها على تاريخ الحضارة، ولم يدر المجرم ان كل المحتلين مروا من هنا، من فلسطين، وان الزعامة الصهيونية تعرف كل ذلك وما القلاع والمعسكرات من العهد العثماني الى بريطانيا العظمى، الا خير دليل وخير شاهد، فهل تعتبر الصهيونية من تلك الدروس.
أيها الباكون وتذرفون دموع الكارثة، انتم تملكون أفتك سلاح تعرفه البشرية في الزمن المعاصر، وتملكون مختلف انواع القنابل الفراغية والعنقودية والانشطارية والذكية من صناعة أبيكم (الكاوبوي) المتعجرف في البيت "الاسود" وزمرته المارقة، ايها الباكون، كيف تبكون على الكارثة وتقيمون لها المعارض في جحوركم وانتم تمنعون عن ايتامها بينكم رغيف الخبز وحبّة الدواء، كيف تبكون وأيتامها بينكم يموتون من البرد لأنهم لا يملكون حتى سقفا يحميهم من شظف الحياة. كيف تبكون وانتم من ينظم الكوارث للبشر منذ احتلالكم لفلسطين قبل 60 عاما ولا تزالون، كيف تبكون وتملؤون العالم ضجيجا وانتم تخططون وترسمون الخرائط لادارة الحروب للبشر، كيف تبكون وانتم من تديرون المذابح التي لا نهاية لها في دولتكم وفي دول الجوار، كيف تبكون ورئيس حكومتكم يجاهر فرِحا بانه يجب ان يرى شعب غزة يمشي على الاقدام في القرن الواحد والعشرين لأنه قطع عن هذا الشعب وقود الحياة، اين انسانيتكم؟؟!! اما ان كانت حجتكم القسامات فهذه احدى اكاذيبكم العالمية!! فحين ذبحتم سكان كفر قاسم لم يكونوا يملكون أي سلاح غير الدراجات الهوائية للعمل في مزارعهم، وحين ذبحتم سكان قبية ودير ياسين والصفصاف لم يكونوا يملكون حتى رغيف الخبز للحياة، وحين ذبحتم سكان مخيم تل الزعتر لم يكونوا يملكون حتى ارضا يعيشون عليها لأنهم مشردون من احتلالكم، وحين ذبحتم سكان مخيم صبرا وشاتيلا لم يكونون يملكون قسامات، على ماذا دموعكم اذا؟؟!! تسمون مستعمراتكم مصدر حياة (مكور حاييم) المقامة على ارض احتلالكم القبيح.
كيف تبكون ومستشاركم يمسح جريمة قتل 13 شابا في عمر الزهور، أي ذرة انسانية عند أي مسؤول في حكومتكم يا من تديرون القلاقل والفتن والحروب بين الامم!! اين كوارث جنين ونابلس ومخيم بلاطة.. وكيف تبكون وسكان دولتكم في الاذاعة يطلبون من حزب شاس ورئيسه ايلي يشاي ان ينسحب من الحكومة ويقولون للمذيع بان ايلي يشاي يجب ان يسمى احمد يشاي لأن الحكومة تتفاوض على القدس مع احمد اولمرت ( آسف مع احمد قريع). تبكون وتمنعون غيركم من الدفاع عن وطنه وبيته وأطفاله وتسمونه ارهابيا وتقتلونه، وحين ينزل الارهابي العالمي الاول من الكاوبوي في دياركم تغلقون الدولة بأكملها وتنشغلون بالدفاع عن أمنه وراحته، كيف تبكون وانتم تمنعون الحياة الكريمة عن محاضريكم في الجامعات بعد اضراب دام حوالي 90 يوما، كيف تبكون ومغاويركم في الارض المحتلة يقومون بأعمال يندى لها جبين الانسانية وحسب اعترافاتكم، كيف تقيمون الدفيئات العنصرية وانتم تنادون بان اللاسامية تتنامى ضدكم، كيف تبكون ووجوهكم تكفهر غيظا وغضبا حين ترون شعب غزة يكسر القيد ويفتح جدار الجوع الذي رسمتموه!! كيف تبكون وانتم تحفرون الخنادق في رمل سينا وتضعون اسراكم من الجيش المصري فيها وتدفنونهم احياء!! انها المفارقات العجيبة لا يقوم بها سواكم!! كيف يجري كل ذلك!! من يصدق لوعتكم، من يصدق دموعكم، انكم ايها السادة تتعرضون لعملية غسل العقول، ولا بد ان تفيقوا ولكن بعد فوات الاوان.

(شفاعمرو)

عبد الاله سمنية *
الخميس 21/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع