جزيرة الحريّة والديمقراطية البوشيّة



سيكون مستهجنًا مجرّد التعاطي الجدّي مع مفهوم الديمقراطية حين يتدحرج على لسان سياسيّ أخرق مثل بوش. أخرق ومجرم حرب معًا.
لكن هناك حاجة للتصدّي لهذه الديماغوغية الرخيصة... فالديمقراطية التي لا تحترم حقوق وكرامة الشعوب، كل الشعوب، ليست سوى دجَل. ومثلها الحريّة حين يقتصر معناها على إفساح المجال أمام قروش الاقتصاد كي تغرف النفط وتشحن الثروات إلى مستودعاتها الخاصة وأرصدتها الفاحشة، تحت غطاء عسكري يوفّره سياسيون مجرمون مثل بوش وزمرته.

 

كالمتوقّع، خرج الرئيس الأميركي، الشهير بالذّكاء، جورج بوش، بتصريحات مفخّخة بـ "الديمقراطية"، تعقيبًا على قرار التنحّي الذي اتخذه، بثقة، فيدل كاسترو، القائد الثوري لجزيرة الحرية، كوبا.
وقد زاد بوش أن هذا التطوّر يجب أن يقود إلى مرحلة "انتقالية ديمقراطية" في كوبا، داعيًا المجتمع الدولي بإلحاح لعدم تفضيل "الاستقرار" على الديمقراطية.
سيكون مستهجنًا مجرّد التعاطي الجدّي مع مفهوم الديمقراطية حين يتدحرج على لسان سياسيّ أخرق مثل بوش. أخرق ومجرم حرب معًا. لكن هناك حاجة في التصدّي لهذه الديماغوغية الرخيصة التي قد تنطلي على بعضٍ غير قليل. وهي تستدعي التذكير بإحدى "ترجمات" الديمقراطية على الطريقة البوشيّة..
فلا تزال غزوته التي عبّأ فيها الدبابات بالديمقراطية في صناديق الى جانب قنابل الموت والتخريب، ماثلة أمام البصر والبصائر في العراق. لا يزال دخان الدمار يتصاعد من بلاد الرافدين بعد أن قررت زعامة العصابة الامبريالية زرعَها بـ "الديمقراطية"، وليس بالمعاول بل بالحراب البارودية الحديثة.
الديمقراطية، هذه المفردة التي يُفترض أن تتألف معانيها من قيم ومبادئ أخلاقية، تُمسخ لدى قراصنة العالم ذريعةً وتُستخدم غطاءً للنهب والقتل والتدمير. عمليًا، يحدث لها ما تتعرّض له كافة المفاهيم حين تؤسَر في دهاليز "السوق الحرّة" إياها. هنا، تفقد المفاهيم معناها الانساني وتتحوّل الى أدوات قاتلة ليس أكثر.
فالديمقراطية التي لا تحترم حقوق وكرامة الشعوب، كل الشعوب، ليست سوى دجَل. ومثلها الحريّة حين يقتصر معناها على إفساح المجال أمام قروش الاقتصاد كي تغرف النفط وتشحن الثروات الى مستودعاتها الخاصة وأرصدتها الفاحشة، تحت غطاء عسكري يوفّره سياسيون مجرمون مثل بوش وزمرته.
لا تحتاج كوبا الى ديمقراطية أمريكية، كتلك التي جيء بها الى العراق.. وكتلك التي يُعدّون لقذف لبنان واغتياله بها.. وكتلك التي يتوهّم بها بعض الأخوة الفسطينين.. بل إن ما تحتاجه كوبا هو الحفاظ على منجزات ثورة هي من أبهى مآثر الشعوب في العصر الحديث. ما يتطلع اليه الشعب الكوبي هو صيانة وتطوير حقوق التعليم والصحة والضمان الاجتماعي؛ حقوق الانسان الأساسية التي لا يوفّرها ، مثلما توفّرها كوبا لمواطنيها مجانًا، أيّ من تلك الأنظمة التي تحتكر الثرثرة عن الديمقراطية وتتصرف عكس روحها وأسسها.
نحن نرفع عيوننا نحو جزيرة الحرية، وكلنا ثقة وأمل بأنها ستصمد وتصدّ وتواصل التطوّر. فهي نموذج راق لمفهوم الكرامة، كرامة الشعب والانسان حين يمارس السيادة الحقيقية ويُنصرّ على تحقيق العدالة الاجتماعية. ليس هذا فقط، بل إننا نتمنى أن يتحقّق للشعب الأمريكي نفسه، ما حققه شعب كوبا البطل لبناته وأبنائه!
عاشت كوبا وتسقط الامبريالية.

(الاتحاد) 

الخميس 21/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع