أوهام فلسطينية رسميّة!



من الصعب العثور على أدلة حقيقية تثبت صحّة تقدير الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإيجابية الدور الأمريكي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وكان عباس أعرب، خلال مقابلة مع صحيفة الدستور الأردنية، أمس، عن "ثقته" بدور الولايات المتحدة في التأثير على سياسات اسرائيل، قائلا انها الوحيدة القادرة على ايجاد الحل قبل نهاية هذا العام وانتهاء ولاية الرئيس الامريكي جورج بوش، الذي رعى لقاء انابوليس في ولاية ماريلاند أواخر العام الماضي.
منذ عقود طويلة تقف واشنطن في صف الاحتلال الاسرائيلي علانية. فقد سكتت على جميع ممارسات اسرائيل الكولونيالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وكانت يدها سهلة على زناد إشهار الفيتو في كل مرة أراد العالم ادانة ممارسات الاحتلال الاسرائيلي. ولا حاجة للإسهاب بشأن الدعم الأمريكي الضخم لسياسات اسرائيل العدوانية، بالمال والسلاح.
وحتى قضية البؤر الاستيطانية العشوائية التي "وعدت" اسرائيل سيدتها الأمريكية بتفكيكها منذ سنوات، لا تزال على حالها. فلم تمارس واشنطن على اسرائيل أي ضغط يُذكر، لا بل تفهّمت أن المسألة "معقدة" وتستغرق وقتًا.. وهل يجب أن نذكّر بالتغطية الأمريكية القذرة على قيام الاحتلال الاسرائيلي بمحاصرة القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عبر نعته بـ "الإرهاب"، وصولا الى قتله؟
كذلك، من المستهجن تعليق آمال على هذه الادارة الأمريكية بالذات. وهي ادارة يحتلها أقبح صقور الليبراليين الجدد الأمريكان، الذين يرون العالم كخارطة لا يتوجّب عليهم سوى تحديد أسهم حركة آلتهم العسكرية المتوحّشة عليها نحو إخضاعها.
إن السياسة الأمريكية في منطقتنا وفي العالم برمّته، من كوبا وفنزويلا حتى فلسطين والعراق، كانت ولا تزال سياسة تقوم على توجّهات امبريالية معادية للشعوب. إنها لا ترى أمامها شعوبًا ولا حقوقًا ولا عدالة. بل إن كل ما تتسع له عيونها النّهمة لا يتجاوز فرض الهيمنة ونهب النفط والخيرات والموارد وتحقيق الأرباح لشركاتها/عصاباتها الاقتصادية العابرة للقارات. إنها سياسة قاتلة تطعن ظهور الشعوب وتبقر بطونها.
يقول الرئيس الفلسطيني: "نحن نقوم باستمرار بإبلاغ الجانب الامريكي بأن ما تقوم به اسرائيل من اجراءات، أخطرها التوسع الاستيطاني المتواصل في القدس وما حولها، انما يهدد عملية السلام ويفقدها مصداقيتها". فهل يُنتظر شيء من هذه البلاغات؟ ألم يكن جورج بوش نفسه هو من صدّق على مخططات اسرائيل الرسمية بتأبيد الاستيطان، وفي القدس خصوصًا، من خلال الاعتراف بما يسمى "الكتل الاستيطانية الحيوية لأمن اسرائيل".
إن التجربة الممارَسَة، والتطوّرات اليومية تؤكد أنه لا يمكن انتظار أيّ عسل من وكر دبابير الارهاب الامبريالي الأمريكي. وكلّ تعويل على نوايا واشنطن الحسنة هو كتعليق الآمال على الريح السَّموم..

(الاتحاد)

الثلاثاء 19/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع