ألجبنة واللبنة تطالبان بالاعتذار



المواد الغذائية بمختلف انواعها، هي العنصر الاساسي لضمان استمرارية الحياة،
خاصة الانسانية، وعلى الانسان ان يعمل ويتصبب عرقا لكي يحصل عليها، وبناء على الواقع القائم في العالم، هناك من يموت جوعا لان المواد الغذائية بمثابة حلم
بالنسبة له رغم تكدسها بوفرة على الرفوف في الحوانيت، وهناك من يتضور جوعا، لان الراتب الذي يتلقاه ليس باستطاعته توفير المتطلبات الاساسية، خاصة الغذائية، ليعيش حياة انسانية جميلة، ولم يتبادر الى ذهني اطلاقا، عندما قرأت عنوان مقال الزميل يوسف فرح، "الجبنة واللبنة واشباههما" في "الاتحاد"، يوم الجمعة الماضي، ان اشباه الجبنة واللبنة، اصحاب الجلالة والفخامة والسمو، الزعماء العرب، لأنه
بتشبيهه لهم بعلب الجبنة واللبنة واكياس الحليب التي تنتهي صلاحية استعمالهما في
موعد زمني محدد، وجه اهانة ما بعدها اهانة، لتلك المواد الغذائية المقدسة، تلك المواد التي تنقذ حياة البشر وتضمن استمراريتها، بينما المواد المكدسة على الكراسي في القصور الملكية والرئاسية، على هيئة البشر، تقتل البشر دون وازع او رادع، ومن لا تقتله جسديا تقتله فكريا وروحيا وحسيا، تقتله جوعا، فيما تنقذه تلك المواد الغذائية المقدسة من الموت بتناولها.ولا ذنب لها بانتهاء تاريخ صلاحية استعمالها. وحتى لو جرى تناولها بعد انتهاء تاريخ صلاحية استعمالها فانها لا تضر الذي يتناولها، فقد ضبط قبل سنتين تقريبا عدد من التجار، تكدست المواد الغذائية في مخازنهم وقد انتهت تواريخ صلاحية استعمالها ولم يجر بيعها، وهم يستبدلونها بتواريخ جديدة واعترفوا انها ليست المرة الاولى التي يغيرون فيها التواريخ المنتهية ولم نسمع عن احد في الدولة توفي بسبب تناول تلك المواد التي انتهت تواريخ استعمالها،ثم ان تكدس المواد الغذائية،على الرفوف في الحوانيت وعدم نفادها، ليس لأنها ليست لذيذة وليست طيبة وليست مغذية،وانما تتكدس،لأنه وبموجب معطيات الماسكين بزمام الامور انفسهم يوجد مئات آلاف الفقراء في الدولة الذين لا يستطيعون شراء تلك المواد،وهناك الذين يفتشون علانية وفي وضح النهار عن المواد الغذائية التي قذفها الاثرياء في براميل القمامة،وهذا الامر بالطبع موجود في كل دولة،ومعروف ان مزرعة الرذيلة والجريمة ودوس حقوق الانسان الاولى في العالم،الولايات المتحدة الامريكية،تقذف سنويا بملايين الاطنان من القمح في البحار ولا تنزلها الى الاسواق،ولماذا؟ لأن انزال تلك الكميات الفائضة الى الاسواق يرخص سعر القمح وبالتالي يقلل ارباح التجار،بينما هناك الملايين يتضورون جوعا،وتشبيه هؤلاء الحكام،من عرب واجانب ، باللبنة والجبنة والحليب، اهانة لتلك المواد الغذائية، التي ليست هي المسؤولة عن تكدسها في الحوانيت، دون نفاد ودون توجهها الى افواه وبطون الملايين من بني البشر.
يطلق على الرأسمالية المعاصرة مصطلح: دولة الخير العميم"، وبناء على الواقع القائم في كل دولة ودولة، هل الجميع في كل دولة يتمتعون بالخير العميم؟ والواقع يقدم الجواب، وعلى سبيل المثال لا الحصر، هل من المنطق والانساني والواقعي، ان يكون مقعد المرحاض في القصر الملكي من ذهب او فضة، وهناك في مملكته من يموت جوعا او يتضور جوعا او يفتش عما قذفه الملك او الرئيس او الامير، من طعام على اكوام القمامة؟ فهؤلاء الذين تحللوا من اي حس انساني ومن اي قيم جمالية انسانية ومن اي عاطفة نبيلة، بمثابة جيف تجلس على الكراسي، روائحها النتنة تزكم الانوف وهي مضرة بالصحة، اهانة ما بعدها اهانة للجبنة والحليب واللبنة تشبيهها بهم وان انتهى تاريخ صلاحية استعمالها، فالجبنة واللبنة والحليب والزبدة، مطلوبة الان وبكثرة لارسالها الى الاهل في قطاع غزة لانقاذ ابناء شعبنا من الحصار الاحتلالي المتواصل، وبوصولها اليهم ستنقذهم من الجوع، فيما الجيف تجلس على الكراسي في القصور الملكية والرئاسية، تسمع انين الجياع والمظلومين والمحاصرين في غزة ولا تحرك ساكنا وتواصل قذف بقايا الطعام بالاطنان على مجمعات القمامة.وقذف الملايين من الدولارات في مواخير الدعارة.
لقد ولدت الرأسمالية القائمة في العالم، البؤس والتعاسة والفقر والجوع والاحزان والظلم، ويعاني عدد كبير من سكان الارض من ذلك، وهذا لم يأت من فراغ وما يحدث يصدر عن روح مماثلة للوحوش وليس للانسان، فروح الانسان يجب ان تتميز بالجمالية والعطف والمحبة للحياة الجميلة السعيدة، وليس بالظلم والقسوة ودوس القيم الجمالية الانسانية، وبالذات في هذه الاوضاع القائمة في الدولة وفي غيرها من الدول، تدعو اللبنة والجبنة وغيرهما من مواد غذائية اولية، الافواه في كل
مكان، خاصة الافواه المحرومة منها، لكي تفتح معا وتصرخ كلها معا بقوة: عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه!نعم تصرخ قائلة: اننا وجدنا لكي يتناولنا الانسان ونمده باستمرارية الحياة وليس لينتجنا ويقذفنا على
مجمعات القمامة، واذا كانت عظمة العظماء تقاس ليس بطول اعمارهم وانما بما صنعوه من فوائد لخير الانسانية، فعظمة المواد الغذائية تتجسد في انقاذها للبشر.
نعم ان الجبنة واللبنة والحليب واللحوم وغيرها من مواد غذائية، تدعو الافواه في كل مكان لكي تصرخ مطالبة بتبني النظام الوحيد الذي يضمن لها ومئة بالمئة تناولها لتلك المواد الغذائية الطيبة ودائما هو النظام الشيوعي، فسعادة الشيوعية تتجسد في ان كل شيء من اجل الانسان وكرامته وسعادته واحتياجاته ولخيره وراحة باله وقمة تلك السعادة انه يقضى نهائيا على استغلال الانسان للانسان وعلى الظلم الاجتماعي والتمييز العنصري وسلطة الاقلية من العلق البشري ذات الامتيازات وعلى البؤس وعلى الفقر وعلى الامية وعلى حكام يقذفون بالمواد الغذائية على مجمعات القمامة فيما الملايين يموتون جوعا. نعم ان المثل الاعلى للشيوعية هو ان يكون العالم بلا حروب وبلا استغلال وبلا اسلحة وبلا حكام يجلسون على كراسي العرش كالاصنام حكام يقذفون بالمواد الغذائية والملايين تموت وتتضور جوعا، فهل هناك رسالة اسمى من تلك الرسالة الشيوعية التي تطالب المواد الغذائية البشرية بتبنيها وليس بقذفها؟.

سهيل قبلان *
السبت 16/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع