فائض علمانية



كل نشاط احتجاجي وتضامني مع أبناء وبنات شعبنا المحاصَرين في غزة هاشم هو نشاط مبارك وضروري. والأسبوع الماضي نظمت الحركة الإسلامية مظاهرة للنساء والأطفال في الناصرة، تضامنًا مع أهلنا في القطاع وضد الحصار.
والسؤال هو لماذا إقامة نشاط منفرد "للنساء والأطفال"؟ لماذا ثمة حاجة لتخصيص نشاط لهاتين الفئتين بالذات، مع أنهما تشكّلان ثلاثة أرباع مجتمعنا على الأقل (فالإناث نصف المجتمع وأكثر أحيانًا، ومجتمعنا بالذات نصف أفراده من الأطفال)؟ ولماذا لا تُنظّم مظاهرات "للذكور الذين ناهزوا السادسة عشر"؟ وحتى لو أقيمت مظاهرة نسائية "صافية"، فلماذا يكون المتحدث الرئيس فيها رجلا (الشيخ كمال خطيب)؟
الشيخ خطيب كان علـّـل ذات مرة عزوف نشطاء الحركة الإسلامية عن المشاركة في النشاطات الوطنية المشتركة بـ"الاختلاط المُريب بين الرجال والنساء" (نعم. هكذا. مع خطّيْن قاتميْن مُريبيْن تحت مُفردة مُريب). وفي السنوات الأخيرة لوحظ تكرّر مشهد الكتل النسائية المنفردة في المظاهرات والمناسبات الوطنية المشتركة. وها نحن أمام تجلٍ جديد من تجليات الردّة الدينية الأصولية التي تغمر مجتمعنا والمجتمعات العربية عمومًا منذ عقدين ونيّف، والتي يغلب على الجُزُر العَـلمانية العربية (أو التي تدّعي العلمانية) خيارُ التطبيع معها ومسايرتها على مواجهتها قولا وفعلا. وقضية المعلم الذي فُصل من عمله في طرعان مؤخرًا ليست إلا انعكاسًا مُتوقعًا للصيرورة التعيسة التي نؤول إليها كمجتمع.
في ظل كل هذا، ما زال هناك "علمانيون" يحثّوننا على محاربة "التعصب الديني والطائفي (....) والعلماني"، ويبحثون عن "منزلة بين منزلتيّ الأصولية الدينية والأصولية العلمانية".. ?? بي!

تعليق: رجا زعاترة
الجمعة 15/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع