أهالي دار الحنّون لوزير الداخلية: نحن هنا قبل الدولة



دار الحنون قرية عربية غير معترف بها تقع في وادي عارة أطلق عليها هذا الاسم  بسبب كثر ة نمو الازهار البرية (الحنون) حولها. أما شركة الاشغال العامة "ماعتس" فتعمدت على ما يبدو عدم تركيب شارة تحمل اسم القرية  وتشير الى موقعها. لكن  للوصول إليها ليس بالأمر الصعب فعلى السائق الانعطاف يميناً  قبل الدخول إلى قرية برطعة ليقطع  مسافة طويلة عبر طريق غير معبده تتخللها الاشجار ليصل الى بلدة صغيرة هادئة وادعة تقع وسط منظر خلاب يغري السياح ويتحدى محبي الطبيعة ويعكر صفو كل عنصري يرفض الاعتراف بدار الحنون ولا يريد لأطفالها أن تشّع الابتسامة من وجهوهم أو اللهو بأراجيح نصبت من خلال عمل تطوعي شاركت فيه قوى تقدمية  يهودية  من حركة "تعايش" إلى جانب جهود أهالي دار الحنون المستمرة في تطوير قريتهم والتشبث بها لأنها  بالنسبة لهم هي: الحياة والأمل والمستقبل ومسقط رأسهم  .

 

*قرية قديمة محرومة من الخدمات

 

 


تأسست دار الحنون عام 1925 على يد مؤسسها المرحوم حسين أبو هلال والبيوت القديمة خير شاهد على عمق جذورها فعمرها فاق عمر الدولة"الديمقراطية الفتية" ، عدد بيوتها سبعة عشر بيتاً تقع في بقعة خضراء مساحتها أكثر من 8 دونمات وعدد سكانها يربو على مئة نسمة بالإضافة إلى 150 نسمة من الأزواج الشابة اضطروا لمغادرتها والسكن في بلدات عرعرة وكفر قرع بسبب حرمانهم من تشييد بيوت لهم في قرية ولدوا وترعرعوا فيها، وذلك بحجة البناء "غير المرخصً".
هذا الموّال الذي  يتردد كثيراً في لجان التنظيم كلما شيّد مواطن في دار الحنون بيتاً له في مسقط رأسه، كما وردده هذا الاسبوع وزير الداخلية  مئير شطريت الذي تسلل خفية الى دار الحنون دون علم الاهالي واللجنة الشعبية للدفاع عن الارض والمسكن في وادي عارة ، بينما وعلى بعد مئات الامتار تطل علينا مستوطنة كتسير حيث ينعم مستوطنوها بجميع الخدمات العصرية  والمتطورة. 
يتلقى أطفال دار الحنون تعليمهم الابتدائي والإعدادي والثانوي في قرية عرعرة المجاورة، أما الخدمات الطبية ففي عيادات صناديق المرضى المختلفة في كفر قرع المجاورة، الهاتف في دار الحنون عملة نادرة ليحل محله الهاتف الخليوي الذي يعلو صوته وينخفض كحالة الطقس أما الشبكة العنقودية (الانترنيت) فهي معدومة في عصر التكنولوجيا والاختراعات ، الكهرباء في دار الحنون تولّد بفضل ألواح  الطاقة  الشمسية التي كلفت كل رب أسرة في دار الحنون مبلغ أربعين ألف  شاقل.

 

*نضال وصمود

 

 

التقينا ابن دار الحنون المواطن مصطفى أبو هلال صاحب بيت مهدد بالهدم وعضو في إدارة لجنة الأربعين للقرى الغير معترف بها ليحدثنا عن معاناة الأهالي ونضالهم في سبيل منع هدم بيوتهم بينما ينعم "الجيران " سكان مستوطنة كتسير المجاورة بالبيوت والكهرباء والخدمات .
ورداً على سؤالنا هل تقدم الأهالي في دار الحنون بطلب إلى شركة الكهرباء القطرية لربط بيوتهم بالتيار الكهربائي؟ أجاب مصطفى أبو هلال قائلاً: "في عام 1986 قمنا بأعداد خريطة بهدف ربط بيوتنا بالتيار وبدأنا بدفع ثمن ربطة الكهرباء إلا أن لجنة التنظيم والبناء اللوائية تدخلت ورفضت المصادقة على الخريطة  وتقرر أن تصبح أراضي دار الحنون تابعه لسلطة المجلس الإقليمي منشة بينما السكان تابعين لعرعرة" .
وحول مراحل إعداد خريطة هيكلية لدار الحنون أجاب مصطفى  أبو هلال : في عام 1991 تقدمنا باقتراح خارطة للتخطيط والبناء  الا أن اللجنة اللوائية رفضتها كررنا ذلك عام 2003 وقمنا بإعداد خريطة مفصلة كلفت الأهالي حوالي مئة شاقل.  وبعد سنتين من المحاولات رفضت الخريطة التي مساحتها 34 دونم، بعدها توجهنا إلى اللجنة القطرية للتنظيم والبناء في وزارة الداخلية  في القدس وبعد تداولها صوت أغلبية أعضاء اللجنة ضد  إقرار الخريطة". 
ويتابع مصطفى أبو هلال: "في عهد وزير الداخلية  اوفير بينس  توجهنا اليه وبعد دراسة الموضوع أصدر قرارغير ملزم بإنهاء  قضية دار الحنون خلال ثلاثة  أشهر كذلك زار البلدة المدير العام في وزارة الداخلية في حينه اوسكار أبو رزق ووعد هو الأخر بإنهاء هذه القضية والاعتراف بدار الحنون ، الا أن هذه الوعود تبخرت ،فعدم الموافقة على الخريطة أدت الى فرض غرامات باهضة علينا بحجة (البناء الغير مرخص ) وقد تراوحت الغرامات بين 18ألف شاقل و30الف شاقل " . 

 

*جرف شارع البلدة

في سنة 2001 نظم أهالي دار الحنون بمشاركة حركة "تعايش" اليهودية-العربية والعديد من أهالي القرى المجاورة ولجنة الاربعين مخيم عمل تطوعي حيث تم إنجاز تعبيد مقطع من الشارع المؤدي لدار الحنون. كذلك أقيم متنزه لاطفال دار الحنون يحتوي على أراجيح والعاب أخرى والى جانبه تم إنشاء ملعب صغير لكرة القدم  بدعم من لجنة الاربعين ،هذا العمل التطوعي بعث الأمل في نفوس أطفال دار الحنون وأدخل الفرحة في قلوبهم والإبتسامة على شفاههم، الا أن هذة الفرحة لم عكرتها  جرافات الهدم ، ففي الساعات الاولى من فجر يوم ال14 أيلول من العام المنصرم حاصرت شرطة دولتنا "الديمقراطية" معززة بوحدات خاصة  دار الحنون وعزلتها عن العالم الخارجي ووسط جنح الظلام تقدمت جرافات الهدم وقامت بإقتلاع شارع دار الحنون الذي عبّد خلال العمل التطوعي وبعد اعتقال ودفع النساء والاطفال والرجال الذين تصدوا بأجسادهم لعملية الهدم انسحبت قوات دولتنا الفتية  مخلفة وراءها الدمار والخراب.
وفي حديث لنا  مع عقبة أبو هلال قال : "أثناء عملية جرف الشارع المؤدي للقرية دفعني الجنود وأوقعوني أرضاً ثم اقتادوني الى الحرش المجاور للقرية وهددوني بالقتل حتى أن احدهم قال اذا لم يعجبك العيش هنا إذهب الى الأردن.. ولم يطلقوا سراحي  وسراح الشاب سمير ابو هلال الذي اعتقل ايضاً الاّ بعد إصرار أهالي دار الحنون على ذلك".

 

*وزير الداخلية يتسلل  الى دار الحنون

هذا الاسبوع زار وزير الداخلية مئير شطريت منطقة وادي عارة تلبية لدعوة من اللجنة الشعبية للدفاع عن الارض والمسكن  في وادي عارة، وبدلاً من أن يقوم وزير الداخلية بجولة في وادي عارة والاطلاع على البيوت المهددة بالهدم وايجاد  الحلول اللازمة بصفته وزير داخلية لدولة أهالي وادي عارة مواطنين فيها، لكنه فضل هو ومساعديه التسلل الى دار الحنون خفية ودون علم الاهالي  واللجنة الشعبية لمعاينة بلدة دار الحنون عن قرب وللتعرف على المنطقة التي ستقام عليها مستوطنة جديدة تقع على مرمى حجرمن دارالحنون بين قرية برطعة ومستوطنة حريش.
وفي الاجتماع الذي عقد في  ام الفحم عاد وزير الداخلية للتأكيد على أنه لا يستطيع إلغاء أوامر هدم البيوت في وادي عارة مطلقاً الوعود بأن لدية النية لبناء مدينة عربية في الجليل بهدف التغطية على المشاكل الحقيقية وبعد مغادرته وادي عارة متجهاً الى  كفر قاسم، بلد المجزرة والصمود، طالب أهالي دار الحنون بإخلاء القرية والبحث لهم عن سكن بديل في القرى المجاورة. وقبل وصوله مشارف كفر قاسم رد عليه ابن دار الحنون مصطفى ابو هلال بالقول: "أن دار الحنون تأسست عام 1925 وقبل قيام الدولة، وأن الاهالي لن يرحلون مهما كلفهم ذلك فهنا ولدوا وهنا يموتون".
هذا هو لسان حال أهالي دار الحنون  الذين هم مواطنين في دولة قامت بحرمانهم من أبسط الحقوق وهو حق السكن والحياة كما تتمتع به سائر شعوب الارض، لتنفضح  بذلك سياسة "الديمقراطية" التي تكيل بمكيالين، حيث أوامر هدم ومنع إصدار تراخيص بناء و فرض غرامات باهضة في دار الحنون مقابل إصدار تراخيص بناء وقروض ومنح سكن وخدمات لمستوطنة كتسير الواقعة والمطلة على دار الحنون..

تقرير: جادالله إغبارية*
الجمعة 15/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع