ما هذا يا مئير شطريت يا من تربيت عند العرب



ألعرب يفهمون لغة السلام، وليس لغة القوة والعربدة


بعد مؤتمر انابوليس اياه، وبعد زيارة رئيس محور الشر والعدوان جورج دبليو بوش لاسرائيل والمنطقة، صعّد حكام اسرائيل من عدوانهم وغطرستهم ضد الشعب العربي الفلسطيني، في غزة هاشم الصامدة في وجه العدوان الاسرائيلي والتي تئن تحت وطأة اغتصاب السلطة من قبل حماس وتعاني من الحصار والعقوبات الجماعية الاسرائيلية والتي بلغت ذروتها في فرض التعتيم، من خلال قطع الكهرباء والتقطير في امدادات الوقود والغذاء والدواء.
وصلت الوقاحة برئيس وزراء اسرائيل، "واحة الدمقراطية" في الصحراء الدكتاتورية العربية انه تمنى للفلسطينيين في غزة ان يمشوا على الاقدام أي ان يعودوا عشرات السنين الى الوراء. تصوروا لو تفوه زعيم فلسطيني او عربي بمثل هذه "الدرر" تجاه الشعب او اليهود في اسرائيل او في الخارج، ماذا كان سيفعل حكام اسرائيل ووسائل اعلامهم، كانوا.. سيقيمون الدنيا ولن يقعدوها وسينعتون من تفوه بهذه الاقوال بالعنصرية ومعاداة اليهود.
بعد اغلاق معبر رفح ومنع الامدادات الضرورية لأهلنا الصامدين في غزة وبتواطؤ النظام المصري الركيزة الاساسية للولايات المتحدة  في المنطقة انتفض المقهورون المغلوب على امرهم وهدموا الجدار الذي يفصل بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية وافشلوا المخطط الاسرائيلي وعروه امام الرأي العام العالمي وبالاساس الرأي العام العربي واحرجوا الحكام العرب المدجّنين امام شعوبهم.
لقد حاول النظام المصري امتصاص نقمة الشعب المصري والظهور بمظهر المساند للأهل في غزة والرافض للاجراءات الاسرائيلية، لكن سرعان ما لحس شعارات التضامن والمساندة للاخوة في غزة راضخا للاملاءات الامريكية والاسرائيلية مغلقا الحدود مع قطاع غزة مهددا بتكسير العظام، تماما كما هدد وزير الدفاع الاسرائيلي ايام اندلاع الانتفاضة الاولى رابين. وزير خارجية مصر "الشقيقة" كشر عن انيابه، معبرا عن سياسة زعيمه مبارك من دون ذرة خجل، حيث هدد وتوعد وكل ذلك باسم الدفاع عن كرامة مصر. من الواضح للقاصي والداني ان حكام اسرائيل يحرصون على التنسيق مع حكام مصر بشتى الامور وبالاساس بالحرب على ما يسمى بالارهاب والتصدي للخطر الايراني!! تماما كما تريد الولايات المتحدة.
الكل يعرف ان حكام اسرائيل يحاولون الاستفادة لاقصى درجة من استيلاء حماس على السلطة في قطاع غزة وبالذات من اطلاق صواريخ القسام على جنوب اسرائيل والظهور بمظهر الضحية المسكينة التي همها الوحيد الحفاظ على ارواح مواطنيها الابرياء. واظهار ما يقومون به يوميا وليليا من اجتياحات وقتل وتدمير بالاضافة لاقتناص الغزيين من الجو عمليات دفاع عن النفس، ووصلت بهم الوقاحة حد تقديم شكوى الى مجلس الامن ضد سلطة حماس لاعتداءاتها على جنوب اسرائيل. اما ما تقوم به اسرائيل من جرائم في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر السجين فيقع في خانة الدفاع عن النفس وتستحق عليه اسرائيل التقدير والاحترام...
إعتقد حكام اسرائيل ان ما يقومون به من جرائم سوف يمكّنهم من فرض الحلول الاستسلامية على الشعب الفلسطيني وان حصارهم سيعزل حماس والجهاد الاسلامي ولم يفهموا ان العنف الاسرائيلي لن يركع الشعب الفلسطيني، بل يزيده عنفوانا وكراهية للاحتلال والمحتلين ويزيد الالتفاف حول حماس ويحرج الاصوات العقلانية وبالذات السلطة الوطنية، ويظهرها متعاونة عميلة للاحتلال الاسرائيلي ويهدد سلطتها في الضفة الغربية المحتلة.
وبدلا من استخلاص العبر الصحيحة يسير حكام اسرائيل على قاعدة، ما لا يتحقق بالقوة، يتحقق بالمزيد من القوة. وهكذا يتبارى الوزراء والمعارضة اليمينية بطرح المبادرات والخطط الاكثر اجرامية، وبالذات التهديد باجتياح اسرائيلي لقطاع غزة على غرار الاجتياح الاجرامي لمخيم جنين الصمود قبل سنوات. حكام اسرائيل يعملون على تهيئة الرأي العام العالمي لقبول مخططاتهم، وفي نفس الوقت يخاف بعضهم من الخسائر الجسيمة في حالة اجتياح القطاع بأسره، ومن ضغط الرأي العام العالمي ومن رد الشعوب العربية وتأثيره على انظمة الخنوع العربية.
وقد تفتقت عبقرية الوزير مئير شطريت الذي حاول دائما الظهور بمظهر المعتدل في الليكود سابقا وفي حزب "كديما" الآن، لدرجة انه طالب بعدم رفض المبادرة العربية المنبثقة عن القمة العربية جملة وتفصيلا الخ. هذا الوزير الذي ولد في المغرب العربي كشر عن انيابه، وظهر على حقيقته عنصريا متطرفا استعلائيا سافلا، رافعا شعار يجب التحدث مع اهالي غزة باللغة التي يفهمونها وهي ليست الانجليزية بل "العربية" كما قال، أي لغة القوة، اقترح على اسرائيل ان تقوم بمحو حي كامل عن الوجود كلما اطلق الفلسطينيون صاروخا على جنوب اسرائيل. واذا لم يتوقف القصف الفلسطيني فيجب القيام بمحو حي تلو الآخر، حتى يتعلم الغزيون الدرس ويضغطوا على حماس والجهاد ويطردوهم من بينهم الى آخر ما هنالك من هذه "الدرر" الشطريتية..
الوزير الشاطر "الفذ" "المعتدل" لا يريد وقف اطلاق نار او هدنة مع حماس، رغم ان هذا الامر قد يوقف اطلاق الصواريخ على جنوب اسرائيل، لأن هذا الامر يساعد حماس على تقوية نفسها عسكريا كما يقول "سيادته". أي باختصار شديد سيادته يريد من حماس والجهاد رفع الاعلام البيضاء والاستسلام وليس الحديث والحوار والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفقا لمبدأ حق تقرير المصير وقرارات الشرعية الدولية.
سيادته لم يتعلم من تجارب المستعمرين والمحتلين عبر التاريخ، لم يتعلم من تجارب الاحتلالات الاسرائيلية العدوانية المتكررة، التي اثبتت انه لا يمكن لأية قوة احتلالية ان تمنع للابد أي شعب من نيل حقوقه المشروعة وانه مهما طال ليل الاحتلال والعدوان، حتما سيبزغ الفجر وستسطع شمس الحرية والاستقلال الوطني والدولة المستقلة وعاصمتها القدس العربية بجانب اسرائيل.
سيادة الوزير ابن المغرب العربي لم يتعلم من تجارب الشعوب العربية التي ولد بين ظهرانيها في المغرب، الجزائر وتونس الخضراء. صحيح انه كان طفلا ايام ثورات التحرر التي ادهشت العالم، وعلى ما يظهر لم يسرد له اهله بصدق وامانة ذلك التاريخ الناصع للعرب الذين احتضنوه واحتضنوا اهله.
الاستعمار الفرنسي يا سيادة الوزير "المقداد"، مارس اساليب القمع والبطش والقتل والدمار بوحشية لا تقل عن وحشية الاحتلال الاسرائيلي وبالمناسبة، يا سيادة الوزير اراد الاستعمار الفرنسي الاستيطان في المغرب العربي أي الاستعمار الابيض لكنه فشل امام العرب الذين لا يفهمون الا "منطق" القوة كما تدعي. الامبراطورية الفرنسية، والبريطانية، وقبلها العثمانية، لم تصمد امام ثورة الشعوب العربية، فهل يعتقد سيادة الوزير ان "الامبراطورية" الاسرائيلية ستصمد امام ارادة الشعب الفلسطيني الجزء الحي من الشعوب والامة العربية، صاحبة الامجال والحضارة العريقة التي كان لها دور هام في التاريخ؟؟
مما لا شك فيه، ان افكار الاستعلاء والغطرسة العدوانية، لم يتعلمها سيادة الوزير من الشعوب التي احتضنت اهله واجداده، بل تعلمها من المبادئ الصهيونية التوسعية ومن اولياء نعمته في واشنطن عبر المحيط ولذلك نراه يريد المزاودة على اعمال البطش والقتل والدمار التي يعيثها المحتلون الامريكان في العراق وافغانستان..  ننصح سيادة الوزير "بهيّ الطلعة" ان يقرأ تاريخ الشعوب العربية، القديم والجديد لكي يتعلم ان الشعوب العربية مثلها مثل كل شعوب العالم، لم ولن تركع للظلم والظلاّم، وان العنف لن يزيدها الا صمودا وعنفوانا، وانها لن تستكين حتى تحقيق الحرية والاستقلال الوطني والاجتماعي.


(ام الفحم)

مريد فريد *
الجمعة 15/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع