أدب للأطفال



(2-2)
**

 

 
" ج "        ..... أو بالعقوبتين معًا
     أخيرًا، أيها الأحبة:
أنا طَنيب على الله وعليكم!
    صدقوني أيها الأخوة؛
    لم يُقبض علي سارقًا متلبسًا؛
    ولا قاتلاً يحكم عليه بالجرم المشهود،
    لا، والله! إنما هو خطأ وقعت فيه، فوقع ضرره على الأطفال.. أطفالنا الذين أكتب لهم من زمان..وما زلت أحبهم، وأكتب لهم، ولو كره الكارهون.
    أخطأت في حقهم هذه المرة، لأنني أردت أن يظلوا على العهد بهم,  يقرأون ويقرأون ويقرأون.
    وإنه نتيجة لخطإ منّي في التقدير، فقد استدعيت من يكرههم، ولا يريد لهم  أن يقرأوا عن أحد إلا بإذنه؛ فهو يعلم ما بين أيديهم من الكتب  وما خلفهم قد وسع جشعه المستكتَبين من "الأدباء" ولا يضيره ركلهم، وهو الولي المتين!!

**

    اقترح علي زميلٌ متخصص، من العاملين في مؤسسة تربوية، بأن أقدم إليه بعض النصوص مما أكتبه للأطفال، وما إذا كنت أرغب في نشرها، تحت مظلة مؤسسته.
    حملتُ النصوص, وكانت مجموعة من القصص القصيرة..
    وما هو إلا يوم أو يومان, حتى جاءني الرد من الموظف؛ والذي  يتلخص في أنني قد أجد اللحظة نفسي في قفص الاتهام بالجُرم المشهود، وما علي إلا أن أبحث عن ملجإ آمن، إلى أن تزول الغُمّة.
    قال الموظف: "يقول لك الناشر القادر على كل شيء، القاهر لعبيده المستضعَفين في الأرض..ولا رادّ لمشيئته:
    أجا حَبّك للطاحونِة، أيها المتطفل على أسيادك الناشرين!
    أما قرار الإدانة فهذا نصه: "قد أبديتَ رغبتك في تقديم النص، عن طريق طرفٍ ثالث. وكان عليك الانتظار حتى نشير عليك بذلك"!!
    ثم ..
    لم يَلبث النطق بالحكم أن صدر، حتى قبل سماع شاهد الإثبات الأول، الموظف في المؤسسة التربوية, وهذا هو نص الحكم:
    * الكِتاب، نحن نصدره، وبالثوب الذي نرى..
    أما الشروط فهي:
    * لا حق لكَ في التدخل بما يُكتب على الغلاف.
    * تَدفع لنا, لدار النشر، خمسة آلاف شاقل "غرامة"!!
    * تَكتب، وتُوقع تنازلا لا رجعة فيه عن أية "حقوق" لك.. في ما يتعلق بطَبع  ونشر وتوزيع وتسويق الكتاب.
    * تتلقى من المؤسسة خمسين نسخةً من الكتاب المطبوع ولمرة واحدة، غير قابلة للتكرار بواقع مائة شاقل ثمن كل نسخة.
       

**


    أيها الكُتّاب، أيها القُراء، يا أنصار، ويا أعداء الثقافة جميعًا!
    أيها الحقوقيون!
    أيها المؤهَلون لإصدار الفتاوَى!
    أين المفر؟ أين هم الكتاب الحقيقيون؟ لماذا يُحجمون عن التصدي لهذه الهجمة الظالمة على أطفالنا؟ أنتم كُتاب كبار وتملكون موهبة الكتابة ، فلا تتهيبوا من الكتابة للأطفال، ومهما كان مستوى ما ستكتبون، فإنه ولا شك سيكون أفضل ألف ألف مرة مما يُخربش المستَكتبون!"
   

**


    إنني الآن "على نية" إصدار أكثر من سبعين مخطوطًا ، كتابًا للأطفال. فهل أنا مهدَد بمصادرة بيتي، لتُدفع من ثمنه الغرامات؟ ومن يدري، فهم قد لا يكتفون بفرض الغرامات، ولا بد من حُكم رادع يأخذني على الأقل..إلى السجن المؤبد!
    ومرة أخرى، من يدري، فقد يَهُب أحد الحاقدين على الثقافة الوطنية والإنسانية، فيطالب بتشديد العقوبة، لتصبح..حكم الإعدام شنقًا، أو العقوبتين معًا، كإنذار نهائي.. وليكن ذلك في الساحة الخاصة..العامة .. المشتركة، والتي اسمها "ساحة دور النشر للأطفال".
   

**


    وللإجمال، لا بد من كلمة  نداء واستغاثة:
     إلى متى ستظل هذه الساحة.."ساحة أدب الأطفال"..مُستباحة؟
    إذ يبدو أنها سوف تظل كذلك، ما دامت بعض دور "الشرّ"..ولا أقول دور النشر، تُلقي بالفتات  إلى بعض المتأدبين والمستكتَبين، ليتقيّأوا لها، "غصصًا"، لا قصصًا للأطفال..وقد يختارون بعض أسماء مفرقعة. فالاسم حين يقرن بالمنصب،  يكون الاسم والمنصب كفيلين بالحماية والتغطية على الركاكة والسطحية. وإمعانًا في الاستخفاف بالأطفال (والذين خلّفوهم) فإنهم يكحلونها "بمقدمة" مغتصبة من قلم "أستاذ جامعي" قد لا يدري ما يقول فيها..فيخَربش و..يتهاوى ..
    إنهم، ومُستكتَبيهم، يتكسّبون بالكتابة للأطفال، ولا يهمهم إلا أن يرضى عنهم رؤساء المافيا من الخلفاء وأمراء الشر والنشر، والتي تسيطر وتوجه الأقلام الجاهلة الهزيلة، ومن ثم إدارات بعض المؤسسات التي تدعي رعاية هذا اللاّ أدب والذي يعاني من كثير من "قلة الأدب"..

مصطفى مرار *
الخميس 14/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع