مرثاة الى "ام ثابت" شقيقتي



 

 

 

 

 

 

 

عيناك بحر الحزن اسعاف الغريق
نداك غيث المزن اطفاء الحريق
والقلب اجنحة السلام يلفه وهج الطريق
وأنت يا حبيبتي سمْت الضحى
تجتاحك الآلام في الليل العميق
فتكتوي الآهات من وقع النوى
فيبلغ الدمع المدى
تنشق في النفس الدروب
يرتد طرف عضه طول السهاد
والفكر موصول الى قعر الظلام
وتنهض الاوهام من سحر الكلام
خديجة حزينة، خديجة عليلة
وتأفل النجوم في صفو السماء
والعمر يجتاب الثواني والسنين

 

بالأمس كانت زهرة
كالنحل تجني والجنى بُرء الفقير
لا شيء يقسو في الجوانح كالعذاب
يؤرق العينين بعدما الجريح غاب
وحيدة خديجة تقلب السفر المغلف بالسراب
وتنهل الايام من جسم العليل
وتنثر القمح المغذي للحقول
ليصنع العجب العجيب في الرجال
وتوقد الفكر المبلبل بالعويل

 

رضيّة خديجة
وكفها ندية
وقلبها طيف المحار
احلامها لحن الخيام
ومحفل الاطفال في مهد اللقاء
وحين تمتد الملاعب بالصغار
تهب نسمة الربيع من باب الرياض
وتنهل الاطفال من كأس معين
شهادة لدينها وسرّها الباقي الدفين
طيور فردوس العباد الصالحين

 

املتِ يا حزينتي ان الدواء
من نظرة او بسمة مشفقة
حمامة بيضاء في اروقة بيضاء في ثوب الطبيب
ويوم جاء عابسا
واغرورقت عيناه من حمل ثقيل
ورحت في غيبوبة قبل الاصيل
اين الصدى العذب المدوّي كالغدير؟
اين اللسان الطلق انسا كالخرير؟
وغارت العينان واغتم الشقيق
كيف الوداع والفراق والحبيب
غاد على ليل طويل
صباحه يوم النشور؟

 

في الليل نادتني تقول:
لا يا اخي لا تهجر الخل الخليل!
وصيتي محمد بعل اصيل
لا تتركوه وحده
بل شاطروه ليله
عهدي به مؤرق
ارقبه في محنتي
اشغله عن سقمه
داوى جروح غربتي
حملته همي الثقيل
اهملته بين السطور
ما مرة ضاق الفؤاد او غدا
يشكو الضنى
فكان ظلي دائما
يبكي اذا ناديته
كأنه قاسى لما عانيته

 

فجر جديد
سترحل الهموم في النهار
الشمس تغتال "الزفير"
وتغسل الآهات في ركن السرير
وتبعث الآمال في افق جديد
عل العلاج المرتجى
يسترجع العهد الرغيد
فيه بنينا حلمنا
في عشه كان الهناء

 

في كل ساحات النضال:
مخيم، اغاثة، تطوع او في اعتصام
في همّة لرحلة
لمسجد
او في قرى مهجرة
لحملة مجددة
في هبة او نكبة او مجزرة
تظاهر، تضامن مسيرة
خديجة مجندة
حتى وأنت عليلة سرت المسار
للواجب القومي حس وانتصار
في كل حفلة انتِ الرئيس
في كل محفل انت الأنيس
الارض تروي قصة
سخنين تطوي صفحة
في همة السعي الدؤوب للوطن
في ضحكة الاطفال تحتل الكروم

 

يا أنت يا خديجة
خلفت لي حزنا ممضّا كالسهام
انت التي وافقتني روحا وفكرا بانسجام
سري وسرّك الدفين توأمان
يا انت يا اسطورتي
"خيّا حبيبي" والكلام
ينساب في عزف النغم
ينبوع ماء
شهدا مصفى او حنان
في بسمة او طرفة اودت بها بين الظلال

 

لكنني بعد الفراق
بعد النحيب والسهاد
ووقفة مهيبة عند الضريح
عزّيت نفسي حينما عاد الرجال
تحلقوا ورددوا ما ليس يدريه الكثير من الشباب
اسطورة من نسج احلام الخيال
ما ليس يستطيعه رجل
وليس يستطيعه بشر
من فضلها العميم
ونبلها العظيم
عن حسّها وعقلها
حنانها وبرّها
والحب والسعي وإكرام اليتيم
والبر والاحسان، والقلب الرحيم
لم تبق رزقا لغد (كانت تعيش يومها)
وعينها لا تخطئ
وقلبها لا يخفق!
من مالها كم تغدق!
فراسة وطيبة
خلق عظيم

 

لم تعرفي مُعلما
لم تنهلي من سفره
لم تكتبي سطرا قصير
في حصة لم تشهدي
لكنني في معهدي
جنيتُ من علم كثير
لم يغن، علمي بعد تجوالي السنين
في بحر علم زاخر
فيك التجارب تستبين
علمتني اختاه شأن الواعظين
ربيتني علّمتني نصحتني وعظتني
احطتني بالنصح والرأي المتين
اخبرتني ان التغاضي والسكوت
كالبلسم الشافي اذا عز الدواء
اصبر اخي فالصبر زاد المؤمنين
اني اذًا عبد امين

 

ويوم اذريت الدموع
دويّ صوت صارخ بين الضلوع
نسيت درس الصبر صنو الجاهلين
لم اصبر الصبر الجميل
لم يبق من صبري سوى نزر قليل
لأن من علمني شد الرحال للرحيل

 

احبها حب الصحارى للنخيل
تحبني حب الظلال للشجر
ادعو لها:
يا ربنا، غفار ذنب المخطئين
اغفر لها ما اخطأت، او قصّرت
اسبغ عليها نعمك
خصص لها من رحمتك
حظا وفيرا، انك البرّ الرحيم
ان تسكن الروح الحنون
في ظل جنات النعيم
وان يكون ذكرها كالياسمين
لأنها صبورة وصبرها دنيا ودين
والصبر زاد المتقين
صبر جميل


(سخنين)

صالح ابو ريا *
الخميس 14/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع