أستراليا للسكان الأصليين: آسفون!



* في الصورة: مجموعة من السكان الأصليين خلال تظاهرة في كانبيرا احتجاجاً على تدخل الحكومة في شؤونهم (رويترز) *

«آسفون، آسفون، آسفون» تعبير سيكرره رئيس الوزراء الأسترالي كيفين رود اليوم مرات ثلاثا، اعتذاراً من السكان الأصليين على سياسات القهر التي انتهجتها الحكومات السابقة والتي تسببت لهم بـ«إرث من الألم»، كـ«سرقة أطفالهم» لتنشئتهم وسط أسر للبيض بموجب قوانين «الاستيعاب».
وحددت كانبيرا اليوم موعداً لتقرّ فيه بأن «سياسات الحكومات والبرلمانات السابقة تسببت في إرث من الخسارة والألم العميق في قلوب أخواننا الاستراليين» الأصليين، و«قلّصت عددهم»، بفعل سياسات «الاستيعاب» التي «فككت أسرهم ومجتمعاتهم»، التي عرفت «بالأجيال المسروقة».
وأظهر تقرير صدر في العام 1997 أن واحداً من بين كل عشرة من أبناء السكان الأصليين انتزع من عائلته في الفترة بين العامين 1910 و.1970
ويعتبر «الاعتذار» الذي طلب رود من البرلمان أمس المصادقة عليه اليوم، «خطوة للمصالحة» بين السكان الأصليين والحاكمين البيض، وإنهاء لعقد «انتظرت فيه الأجيال المسروقة» هذا الاعتذار، الذي رفضت الحكومة السابقة لجون هاورد تقديمه، قبل أن يطاح بها في انتخابات تشرين الثاني الماضي من قبل حزب العمال الذي يتزعمه رود.
وأمام عشرات الآلاف من السكان الأصليين، الذين يعدون 450 ألفاً أو 2 في المئة من عدد سكان استراليا البالغ 21 مليون نسمة، سيعلن رود، في خطاب متلفز، «عن الإهانة والألم والمعاناة والخسارة البالغة التي لحقت بهذا الشعب الفخور والثقافة العريقة، نقول آسفون»، وسيكرر اعتذاره ثلاث مرات، متعهداً بـ«فتح صفحة جديدة في تاريخ القارة وعدم تكرار ظلم الماضي، أبداً».
وتعهد رود، خلال عرض خطة لعشر سنوات، برفع مستوى معيشة السكان الأصليين، وخفض معدل الوفاة بين أطفالهم، ومكافحة الأمية في صفوفهم.
وعشية هذا اليوم «التاريخي»، وعلى نغمات آلات النفخ الموسيقية، أحيا السكان الأصليون المناسبة، فطلوا أجسادهم بطلاء أبيض، فيما وقف زعيمهم ماتيلدا هاوس حافي القدمين يرتدي كسوة من جلد الحيوان، ثم قدّم لرود، في افتتاح جلسة البرلمان للمرة الأولى في تاريخ القارة، عصا تقليدية واصفاً «الاعتذار» بأنه تجسيد «لأمل في وجود امة موحدة».
وبهذا الاعتذار، تنضم استراليا إلى لائحة من الدول التي اعتذرت من سياسات قمع مارستها، مثل الاعتذار الذي قدمته كندا في العام 1998 إلى سكانها الأصليين، والندم الذي أعربت عنه جنوب أفريقيا في العام 1992 بسبب نظام الفصل العنصري، واعتذار الكونغرس الأميركي في العام 1988 من الأميركيين اليابانيين الذين اعتقلوا تعسفا خلال الحرب العالمية الثانية.
لكن كم جريمة مشابهة لما جرى في استراليا ارتكبت، وما زالت ترتكب، وماذا سيقدم الاعتذار لهؤلاء ؟!.
(رويترز، اب)

الأربعاء 13/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع