لقد تجاوز أمركم الحدّ فوصل الى الضّد



لن يجف دمع القلم ولن تُبح اصوات الحناجر في فضح عنصرية الحكومة والسياسة العنصرية العقيمة التي تنتهجها، ولن نكف عن المطالبة بحقوقنا الشرعية كأقلية في وطننا، ارأيت المهزلة – اقلية في وطننا – ولكن لن نبقى كذلك! وهناك الكثير الكثير من السياسات التي لم ولن تأخذنا الشفقة تجاه مبادئها العفنة ومواقفها المهترئة التي تشيع في نفوسنا جوًّا من الاشمئزاز لا يصل الى التشاؤم بل الى الامل وتوخي دحرها، فنحن على حق، ونكون ونحن على امرنا هذا شديدي الضيق بالذين يُلبسون الحق بالباطل وهم كثر، ونحن نتهمهم وعلى قناعة تامة منا بعنصريتهم المتجاوزة لكل الاعراف والمواثيق الامر الذي يستدعي رأينا – فإناؤهم ينضح بما في نفوسهم وعقليتهم، انهم وبمسالكهم تلك يخونون حتى مصالح الغالبية لشعبهم لأن العقل عقال وقيد، ومن هنا كان الاخذ بالزمام وكبح الجماح، كبح جماح النفس ضرورة حياة وهم يدرون امرهم هذا او لا يدرون على عكس ذلك تماما! فيصدقون قول الشاعر:

ضمير قبيح في قبيح فعائل
           على بعضها قد يشهد الحال بالبعض

نحن على موقفنا السياسي والتاريخي ما زلنا نرفض الخدمة الاجبارية التي فرضتها حكومات اسرائيل على جزء اصيل من ابناء شعبنا وهم ابناء الطائفة المعروفية على "امل" من المؤسسة ومما دار في حينه وما زال من خبث الموقف ودناءته وكان ان ولد حلف الدم المزعوم بدون اساس او شرعية. وارادوا تقسيم البقيّة الباقية الصابرة والصامدة بعد النكبة من شعبنا، الى طوائف وملل ومذاهب على مبدأ المستعمر القديم البائد "فرّق تسد". وكان بعد ان صلُب عودنا ونضج كياننا وعرفنا طريقنا الى الحياة واصبحنا قادرين على ان نتحرك بأنفسنا ان زادت تلك السياسات من الخناق علينا كأقلية في شتى المسارات والميادين.
ان وثيقة استقلالهم المزعوم وأقول مزعوما ما لم يكتمل الشق الآخر من استقلال شعبنا وبناء دولته، تتحدث بصراحة عن حرية الديانات والمعتقدات والمذاهب وهم يشطبون مما كتبت ايديهم زورا وبهتانا ونفاقا كما يحلو لهم منها وبأي وقت، بما تمليه عليهم مصالحهم وسياساتهم العقيمة البائسة والتي تثبت يوما بعد آخر ان توجههم بعيد عن توجهات السلام والاستقرار بحجة ذريعتهم الدائمة وهاجس "امنهم" اما الحقيقة الساطعة انهم هم هم الذين يشكلون خطرا على امن المنطقة ولا ابالغ ان قلت على العالم برمته. أوليسوا هم المتفوقين عسكرة وتسلحا، فما بالك ونحن كما اسلفنا نتهمهم بعدميّة الاخذ بالزمام وكبح جماح نفوسهم العليلة.

نصَلت سياستهم وحال صباغها
                ولكل كاذبة الخضاب نصولُ

ان استدعاء بعض مشايخ الطائفة المعروفية الاجلاء الافاضل من يركا والدالية وعسفيا وغيرها وجرجرتهم الى مكاتب شرطة التحقيق المرة تلو الاخرى، ما هو الا اعتداء صارخ وتعدّ سافر ودوس على حقوق كل جماهير شعبنا بجميع طوائفه ومذاهبه، وتتمحور هذه التحقيقات البائسة في اروقتهم المعتمة حول اسباب زيارة مشايخنا الاعزاء الى سوريا في شهر ايلول الاخير، هذا الاستفزاز الوقح بعينه لا يثير اخوتنا المعروفيين فقط، بل يثيرنا جميعا ونحن اذ نستنكر الامر برمته نطالب الحكومة ومؤسساتها بالكف عنه حالا والاعتذار الى مشايخنا الاكارم عما سببته هذه الحكومة بتصرفها من جرح واهانة لهم ولنا جميعا:

قف بالرسوم أباة الضيم من مضر
            وآل معروف من ابناء قحطان
أما اتاكم حديث القوم اذ نزلت
              بهم نوازل من جور وطغيان
الشيخ يقودونه للسجن وامرأة
              تساق ما بين اضداد واعوان

اية اعراف وقيم تتبعها هذه المؤسسة الحاكمة الظالمة حتى في الحقوق الانسانية الاولية زاعمة ومتشدقة بأنها تريد السلام والعرب لا يريدونه وسوريا مشرعة ابوابها، وهم يمنعون الاخ من زيارة اخيه والعم من زيارة اقاربه فوصل بهم صلفهم لمنع المشايخ من اقامة الطقوس والمراسيم الدينية في سوريا ولبنان، هذا حقهم الطبيعي والاولي وهم يحددونه بالشكل والمكان الذي يرتؤونه وبما يتناسب مع امورهم الدينية. ان هذه الزيارات كانت قبل اقامة دولتكم "الغرة" ونجحتم في منعها على مدار سنوات عمرها، ولكن لن نسمح بدوام هذا الامر، فاعلموا بعد ان تسمعوا وتعوا ان محاولة الانطلاق من القيود تضاعف الطاقة البشرية وان الحرص على تحطيم القيود يقوّي العزيمة ويحبب الى النفس احتمال الصعاب، وهو لا بد يجرّئ على المغالبة ومن شأنه ان يعوّد على احترام الذات ويرغّب بالضرورة في الاعلان عن المكاسب الانسانية.

بنو معروف يوم وغى وكرّ
              رجال البأس، نجده كل مرّ
عزائم فيهم كمضاء سيف
              لدفع مظالم ولردّ حيف


ارى وفي هذا التسارع الزمني مع اضطهاد السلطة لزوم ما لا يلزم من ابراز تأكيد امير البيان، الامير شكيب ارسلان ان آل معروف خرجوا من الشيعة السبعية القائلين بالأئمة السبعة، وإن نحلتهم اسماعيلية فاطمية ولكن انشقاقهم عن الشيعة مضى عليه اكثر من عشرة قرون فتراخت الصلة" ويتابع "ان الامر على عكس ما ادعاه فؤاد افرام البستاني وفيليب حتي والتي تدور في فلك الادعاءات والمزاعم الافرنجية في اصل هذه الفرقة حتى لا يخلو من امور الدس والتشويه والتزوير فيذهب المرء الى ان هذا الدس هو لهدف استعماري رخيص".
أفلا ينطبق هذا الامر تماما في حاضرنا على اسرائيل وحكوماتها في ما يخدم عملية تقسيمها لنا لطوائف!! في معرض تقسيمها للعدل في اسرائيل تعتبر النائبة زهافا غال اون ان في الدولة "دولة العز البهية" معايير مختلفة لليهود وللعرب وللدروز وهذه الظاهرة هي قنبلة موقوتة، ونحن بدورنا نجيب ان هذا التقسيم غير قائم في قاموسنا بحيث يوجد عرب ينتمون الى الاقلية الفلسطينية في اسرائيل وهناك يهود ذلك حتى نزيدها علما علميا واضحا والامر الآخر والهمم انه لا يوجد عدل في هذه الدولة حتى اننا نميل الى الاعتقاد ان الدولة وسياسات حكوماتها والعدل والانصاف ضدان، فالعدل مفقود وغائب عن مفاهيم الدولة عندما يتعلق الامر بالطبقات المسحوقة من ابناء الشعب اليهودي نفسه ويجري تقسيمهم لأهدافها ايضا ما بين سفارديم، واشكنازيم وما بين اثيوبيين سود البشرة وبيضها وما بين وما بين حتى لا تتسع السطور للائحة التمييز والتفرقة، ومن سياساتنا ومبادئنا الدفاع عن هؤلاء المظلومين جميعا دون استثناء، ان تصرفات حكومة اسرائيل ومؤسساتها لا تمتّ الى العدل وللدمقراطية والمساواة بأية صلة! ولكن سنوافقها القول – إن صححته – وقالت ان التمييز وهضم الحقوق اكبر واكثر بما لا يقاس في الناحية العربية وتجاه جماهيرنا وعلى جميع الصعد حتى الانسانية الاولية منها هذا الامر الذي يجعل التناقض الاساسي ما بين حكومة اسرائيل والاقلية العربية هو بعينه القنبلة الزمنية والموقوتة! لقد نُشر في اكثر من وسيلة اعلام ان هناك اصواتا نشازا من جلدتنا تطالب الدولة بادانة المشايخ الافاضل وتدافع عن موقف المؤسسة الحاكمة، نحن لا نشك ان هذه الاصوات الناعقة هي قليلة ولها مصالحها الشخصية ومنها الحزبية السياسية الضيقة التي أعمت عيونها واسودت لها بصيرتها وهم على حالهم هذا لا يفهمون حتى الآن ان الاشتغال بالسياسة لا يقتصر على الاتصال بالحكام والرؤساء بل ربما كان عدم الاتصال بهم اكثر اعانة وأجدى للعمل السياسي المتحرر من القيود التي يفرضها هذا الاتصال ذلك حتى لا تتزيف العلاقة مع الجماهير وحتى لا يُضل المسعى الى الخير العام ولكن في ما هم فاعلون سيكونون لا محالة عاجلا ام آجلا في عزلة عن مجتمعهم، أوليس للشر رجاله ما دامت الحياة وهم قليلون، كما ان للخير رجاله وهم كثيرون، ومن هنا كان امر الادعاء بالباطل والافتاء بغير الحق، وهم اذا فجروا وكتموا على نفوسهم لكان لهم استر!

لحى الله اعوانا لئاما تجمعوا
            هم الذئب عذرا والرياء المجسد


وليعلموا انه في اللحظة الحاسمة سيُحسبون بالضرورة على الاقلية وينالهم الظلم والافتراء وعليه جاء التنبيه والتحذير!!
سنرفض ونقاوم بشتى الطرق والوسائل المتاحة سياسة سلب الاراضي العربية في يركا والدالية ومجد الكروم ومعليا سنرفض وسنقاوم سياسة فرّق تسد المقيتة ونقولها لحكام الدولة ان "حيّكوا بغير هالمسلّة الصدئة المهترئة" اوقفوا هذه التحقيقات مع المشايخ من آل معروف حالا، هذا الامر الذي لن يزيدنا الا عزيمة وجرأة في قول الحق والتصريح بمخازي سياستكم وصهيونيتكم وعنصريتها ولنصعّد معركتنا مع المشايخ الأباة.

لعمرك ما صبر الأبيّ مهانة
            ولكن صمت الليث يعقبه الزأر
حرام علينا ان نعيش اذلة
             وذو الذلّ اولى ما يكون به القبر

ان الحياة لنا وسنتعاون على التمسك بالحق كاملا حتى نبلغه!
ولنعمل بوصية المجاهد الخالد سلطان باشا الاطرش وبقوله:
"اصبروا صبر الاحرار ولتكن وحدتكم الوطنية وقوة ايمانكم وتراصّ صفوفكم هي سبيلكم لرد كيد الاعداء".

(كفر ياسيف)

د. جمال شريف *
الأربعاء 13/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع