غزّة، والعدوان القادم



بيد أن الملف الإيراني سيطر على مباحثات رئيس الحكومة الإسرائيلي أولمرت مع المستشارة الألمانية ميركل أمس في برلين، فقد رشح أنّ الحملة العسكرية الإسرائيلية المرتقبة على القطاع نالت قسطًا من هذه المباحثات. حيث صرّحت ميركل قبل اللقاء أنّ ألمانيا والاتحاد الأوروبي "سيبذلان كل الجهد لدعم عملية السلام"، وأن الهدف هو "وجود إسرائيل آمنة ومستقرة ودولة فلسطينية يعيشان كجيران في المنطقة في سلام وحرية". أي أنها تتبنى نفس الخطاب الإسرائيلي- الأمريكي المرفوض الذي يطالب الشعب الواقع تحت الاحتلال بضمان "أمن" الدولة المعتدية المحتلة.
وإسرائيل لم تخرج حتى الآن إلى حملتها هذه لعدّة أسباب، منها ما هو تقني حقًا (كحالة الطقس)، لكن أيضًا لأنّها تدرك أنّ "دخول الحمّام مش زي خروجه"، وأن إعادة احتلال القطاع وبتره إلى ثلاثة أجزاء هو مهمة ستكلف الاحتلال ثمنًا عسكريًا فادحًا في ظل تصاعد قوّة وقدرات المقاومة الدفاعية، وأن حملة كهذه ستعني أيضًا مجزرة دموية كبيرة ضد الفلسطينيين يتوجب على إسرائيل التهيئة لها دبلوماسيًا واختيار الموعد المواتي ليكون من الأسهل على العالم البقاء على صمته إزاء الجرائم الإسرائيلية المتصاعدة، هذا كله ناهيك عن الحسابات السياسية لهذه الحكومة في ظل تهديدات "شاس" بالانسحاب وخطر الانشقاق في حزب "المتقاعدين". وقد صرّح نائب وزير "الأمن" داني ياتوم أمس أن احتلال غزة مجددا هو "عملية مؤلمة ومكلفة تستدعي تغطية دولية"، ودعا لرؤيتها "خيارا أخيرا ينبغي التفكير بكيفية الخروج منه".
لقد جرّب الاحتلال الإسرائيلي كل الطرق الممكنة، وكل الأسلحة الفتاكة، دون جدوى. وهنا مربط الفرس: أن أي حل عسكري سيكون مصيره الفشل، لأنه قد يعالج العارض دون أن يعالج السبب الجوهري للمشكلة. والسبب الجوهري هو الاحتلال والحصار والتجويع والخنق وسائر الجرائم التي تمارسها إسرائيل بحق أبناء شعبنا في غزة والضفة.
إن المخرج من الأزمة الحالية، يتطلب وقف كافة أنواع الاعتداءات الإسرائيلية، ووقف كل النشاطات الاستيطانية. والشروع بمفوضات حقيقية وليس بروتوكولية، هيكون هدفها كنس الاحتلال والاستيطان وممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه الشرعية المكفولة دوليًا. وإلى ذلك الحين فعلى الطرف الفلسطيني إعادة ترتيب أوراقه الداخلية، على أساس المشروع الفلسطيني والشرعية الفلسطينية والثوابت الفلسطينية.

(الاتــــــــحــــــــاد)

الثلاثاء 12/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع