الهستدروت والدولار



ما زالت قيمة الدولار الأمريكي تنحدر يومًا بعد يوم في جميع أنحاء العالم وفي البلاد أيضًا. وهو ما دفع اتحاد الصناعيين الإسرائيليين إلى المطالبة بتدخّل الحكومة وبنك إسرائيل للحدّ من هذا الهبوط، الذي يضرّ بالأساس بمصالح المصدّرين الذين تُباع منتجاتهم في ما يسمى بـ"الكتلة الدولارية". حيث يطالب هؤلاء بتخفيض الفائدة البنكية، تماشيًا مع الفائدة الأمريكية،  ليصبح الاستثمار في الشاقل أقل ربحية، ويُكبح هبوط سعر صرف الدولار.
ويدّعي اتحاد الصناعيين أيضًا، أنّ التصدير يشكل 40% من مصادر النمو الاقتصادي في إسرائيل، وأنّ المساس بالمصدّرين سيؤدي إلى عودة الركود. مع أنّ الواقع اليومي الـمُعاش للسواد الأعظم من مواطني الدولة العرب واليهود، يصرخ بأنّ هذا النمو المزعوم يبقى حكرًا على نفر محدود جدًا من الرأسماليين الكبار والصغار، رغم أنّ الطريق إلى هذا النمو مرّت على حساب الطبقات المستضعفة، من خلال تقليص الصرف العام، من مخصصات اجتماعية وخدمات صحية وتعليمية وغيرها.
والمفارقة الأساسية ليست أنّ الصناعيين باتوا الآن يظهرون من أعداء "السوق الحرّة"، ومن المتحمّسين لـ"تدخل" الدولة في الاقتصاد (حسب الكلاسيكيات الرأسمالية)، وإنما أنّ نقابة العمال العامة، الهستدروت، انضمت إلى اتحاد الصناعيين في هذا المطلب، بعد أن لوّح الأخير بسلاح فصل آلاف العاملين بحجّة الخسائر التي تكبّدوها.
وحين يطلق الصناعيون تهديدهم الوقح هذا، فإنهم يقولون عمليًا إن العامل شريك فقط في الخسارة. ولم نسمع بعد عن مصدّر رفع أجور عامليه لأن سعر صرف الدولار أو اليورو قد ارتفع.
يفترض أن يكون هدف الهستدروت (كأي جسم نقابي) خدمة مصالح العاملين، وليس أرباب العمل. وأن يكون دورها الذود عن حقوق العاملين وأرزاقهم في وجه هذا النوع من التهديدات، وليس التواطؤ معه والتعذّر به لإسداء خدمة للصناعيين واتحادهم وللمصالح الرأسمالية التي يمثلونها.
إن ما نتوقعه من الهستدروت، قبل أي شيء، هو الرفض المبدئي القاطع لاستغلال العاملين في هذه المناحرة الرأسمالية الصرف؛ وتذكير الصناعيين أنّهم لا يشغّلون أحدًا من دافع نبيل كمحاربة البطالة، وإنما لدوافع الربح، أولا وأخيرًا؛ والتأكيد على أنّ حقوق العاملين وأماكن عملهم لا يمكن أن تكون رهينة لدى أحد.


(الاتحاد)

الأحد 10/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع