فينوغراد واستثمار الفشل "رئاسيًا"



لم يكن متوقعًا أن تتجاوز لجنة فينوغراد أبجديات هذه الدولة العدوانية والعنصرية. ولا أن تطيح بالمحامي الشاطر الذي عيّنها.
لم يكن متوقعًا أن تسأل عن مليون قنبلة عنقودية ما زالت تتفجّر في الجنوب اللبناني أو عن المصلحة الأمريكية في العدوان ودور إسرائيل الإقليمي كمخلب أمامي للإمبريالية. وطبعًا ليس عن القواعد العسكرية المزروعة على أعناق القرى العربية وفوق أراضيها، ولا حتى عن فقراء اليهود الذين خلفوهم بلا معين.
نحن مختلفون مع لجنة فينوغراد في كل شيء تقريبًا، في ما قالته وفي ما لم تقله، ولكننا متفقون على شيء واحد أساسي، هو أن هذا العدوان فشل. (للتذكير: عدد القتلى الإسرائيليين ناهز المئة بقليل، غالبيتهم الساحقة من العسكريين، وعدد الضحايا اللبنانيين ناهز الألف، غالبيتهم الساحقة من المدنيين. ناهيك عن الدمار شبه الشامل الذي حلّ بلبنان – ومع هذا، ثمة إجماع: العدوان فشل).
يوم الثلاثاء الأخير، وقبل تصريحه الذي أثار الزوبعة المفتعلة، قال أحد أعضاء اللجنة، البروفسور يحزقيل درور، في يوم دراسي لـ"مركز هرتسليا المتعدّد المجالات": "إن النظام البرلماني انتصر على ذاته ويجب الانتقال إلى نظام شبيه بالنظام الرئاسي".
موضة الترويج لنظام رئاسي في إسرائيل ليست جديدة. فهذا مشروع تطرحه الحيتان الرأسمالية الإسرائيلية منذ عدّة سنوات بأدواتها المتعدّدة، الأكاديمية منها (مركز هرتسليا وغيره) والسياسية (كاديما)، ويتماشى مع الأهواء الفاشية السائدة في المجتمع الإسرائيلي (ليبرمان)، لتصفية دور الدولة الاجتماعي، وتجريد النظام السياسي الإسرائيلي من بعض الجيوب الدمقراطية، كالبرلمان، والمحكمة العليا، وكل ما يمكنه إعاقة الحكومة والطغمة التي تخدمها.
الجديد هو أنّ هذا يطرح في سياق فشل العدوان، والذي كان له أثر لا يستهان به على مجتمع مهووس بأوهام القوّة والاستعلاء. فالحديث عن إسرائيل كظاهرة مؤقتة صار يُسمع من قلب النخب الإسرائيلية المؤسِّسة. وهناك من يريد استثمار فوبيا هذا المجتمع والصدمة العنيفة التي عصفت به لتمرير مشروع النظام الرئاسي. وهو الذي لن يعني في حقيقة الأمر سوى دفع عجلة الخصخصة والمزيد من الإفقار والتهميش.
لا أحد يملك ترف التقاعس في المعركة إزاء هذا التهديد العلني لما تبقى من هامش دمقراطي في إسرائيل. بالتأكيد ليس الجماهير العربية.

تعليق [] رجا زعاترة
الأحد 10/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع