أبصم لكم بالعشرة



كان رفيقنا خالد الذكر جمال موسى (ابو نجيب)، القائد الشيوعي المتميز، يردد على مسامعنا نحن الشباب من محترفي العمل الثوري، عندما كنا في بداية فزّة طلعتنا، وعندما كنا نحيط به في مكتب منطقة الحزب صباح كل يوم جمعة، كان دائما يردد " إذا بدك تخرّب شيوعي أبعده عن العلاقة المباشرة مع الناس وفي بلده أولا، ساعتها بصير يحكي مخّمس مردود وينظّر عن الماركسية والدايلكتيك بشكل لا أحد يفهم ما يقول ولا هو فاهم طلاسمه المعقدة، إذا ما عاشرتم الناس بافراحهم واتراحهم وتعرفتم عن قرب على مشاكلهم وهمومهم وعملتم على مساعدتهم فكيف سيكسب حزبنا ثقة الجماهير وتأييدها؟ من يتخلى عن وظيفته فانها لن تبقى شاغرة وسيشغلها غيره". تذكرت فقيدنا الغالي وانا ارى رفاقنا من كفرياسيف وابوسنان، الصحفي صلاح دباجة والاستاذ راضي كريني ومليح نصرة ود. جمال شريف وغيرهم يجوبون حارات القريتين التوأمين لنجدة صحيفة "الاتحاد" وجمع اشتراكاتها، تذكرت ابا نجيب اثناء الحملات القطرية لجمع اشتراكات "الاتحاد" كيف كان يقف عند مطلع درج مكتب المنطقة منتظرا قدوم الرفاق المحترفين ومسؤولي الفروع، يصبّح بابتسامته على من تزود بجمع اشتراكات جديدة، وبكشرة تقطع الرزق، على من تقاعس "وبأمر حزبي" لا حاجة لك في المكتب عُد الى قريتك وقم بواجبك فالاتحاد تناديك!! ولهذا لم يكن من وليد الصدفة ان منطقة عكا الحزبية كانت دائما من السبّاقات بين المناطق في جمع اشتراكات الصحف الحزبية والحملة المالية، وهذه قضية سياسية من الدرجة الاولى تعكس مدى وطابع العلاقة مع الجماهير التي يدافع الحزب وصحفه عن قضاياها.
صادف أمس ان كنت في الحارة الشرقية أتمرن على المشي على رجليّ بعد إجراء العملية الجراحية الاخيرة، عندما وصلت سوبرماركت "عواد" اوقفني صديق طفولتي وابن صفي في المدرسة الابتدائية ابراهيم الفحماوي (ابو الامين) وقال " شو رجعتوا يا صديقي تحاربوا بالسيف القديم وتجمعوا تواقيع على عرائض! قبل يومين حضر الى بيتنا ثلاثة من رفاقك وطلبوا التوقيع على عريضة تطالب باقامة لجنة تحقيق حيادية وبمشاركة مختصين دوليين للكشف عن الايديولوجية والسياسة العنصرية والكشف عن المجرمين من رجال الشرطة الذين قتلوا بدم بارد ثلاثة عشر شابا عربيا في هبة اكتوبر ألفين احتجاجا على مجزرة القدس والاقصى"، لقد وقّعت على العريضة انا واهل بيتي، لنا الشرف ان نكون من بين ربع مليون توقيع تصفع المجرمين العنصريين، ولكن هل هذا العمل يجدي يا رفيقي؟ قلت، هذا العمل وحده بالطبع لا يكفي وهو يندرج في اطار برنامج تصعيدي للكفاح اقرته لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، والجبهة كما تعلم والحزب ينطلقان بقوة للتنفيذ، فقبل اسبوع كان الاضراب الشامل ومظاهرة الثلاثين الف مشارك ومشاركة في مدينة الشهداء والكفاح سخنين الابيّة، ومظاهرات رفع شعارات على مفارق الطرق.
ونحن نطور يا أبا الامين آلياتنا الكفاحية بشكل يخدم متطلبات الواقع المتغير وظروف وطابع المتغيرات على طريق التطور والصراع، ونحن اصحاب حق لا يمكن التنازل عنه ولا خيار امامنا، من تجربة ستين سنة من عمر نكبة شعبنا، دفاعا عن حقوقنا المسلوبة ومواجهة انياب ذئب القهر والتمييز المفترس، سوى الكفاح وباوسع وحدة صف كفاحية وطنية عربية- عربية وعربية- يهودية. لم انتبه ان الحاجّة ام شاكر كانت عند بوابة السوبرماركت تصغي الى حديثنا، فاجأتنا بقولها: " انتو يا حمر أهل للثقة هات العريضة بدي أبصم لكم بالعشرة وعلى الغميض، بالعمينة. أعطني البصامة"!!

د. أحمد سعد
الأحد 10/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع