موسـى لـ«السـفير»: سـأعود ... والتوافـق اللبـناني يهـدّئ الخلافـات العربيـة



«السفير» تنشر الوقائع الكاملة ليوم المناورات المفتوح

عاش لبنان واللبنانيون يوماً طويلاً من المناورات السياسية التي أدت الى تشويش الصورة السياسية، لكن المحصلة الأبرز، تكمن في نجاح الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، في إعادة تعويم المبادرة العربية شهراً اضافياً، عبر الاتفاق على موعد جديد في النصف الثاني من شباط، على أن يبادر في ضوء ذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري الى إعلان تأجيل جلسة يوم الاثنين المقبل حتى موعد جديد في مطلع شهر آذار المقبل.
ولم يكتف موسى بذلك، بل طلب من جميع الفرقاء الحفاظ على أجواء الهدنة ووقف الحملات المتبادلة، وقال قبيل مغادرته بيروت، لـ«السفير» إننا لم نحقق النجاح المطلوب ولكننا سنستمر باتصالاتنا حتى موعد الاجتماع الجديد في النصف الثاني من شباط، ومن الأهمية بمكان أن نحافظ على ما تم فتحه من أبواب ونوافذ ولو جزئياً، مشيراً الى أن المناخ كان صحياً وتخللت الاجتماع مناقشات جدية وصريحة، ولكن بطبيعة الحال الأمور معقدة وهناك أزمة ثقة وفي المرة المقبلة سنكمل من حيث انتهينا.
ورداً على سؤال قال موسى إن النجاح في لبنان سيؤدي فعلاً الى انفراج في الجو الإقليمي، وشدد على تجاوز حالة المراوحة «لأن من شأن ذلك التأثير سلباً على القمة العربية المفترض أن تناقش وتعالج المشكلات العربية، وما أكثرها في هذه الأيام».
واستناداً الى مصادر الموالاة والمعارضة، تنشر «السفير» شبه محضر رسمي للاجتماع الرباعي هذا نصه:
بدا جو الاجتماع منذ اللحظات الأولى مشحوناً، خاصة في ظل الحرص المتعمد للنائب سعد الحريري على إبراز تجهمه أمام العدسات الإعلامية.
وقد حاول عمرو موسى كسر الجو ببعض «القفشات» على الطريقة المصرية، ومنها مخاطبته النائب سعد الحريري بعد أن أشعلا سيجارين كوبيين «لم يبق لنا إلا هذا من ملذات الحياة الدنيا».
ودخل بعد ذلك عمرو موسى في صلب الموضوع، عارضاً لمحصلة الاجتماعات السابقة وللاجتماع الذي عقده وزراء الخارجية العرب في القاهرة في 27 كانون الثاني المنصرم، وشدد على حيوية وأهمية الموضوع اللبناني في العلاقات العربية العربية.
وقال موسى إن النجاح العربي في لبنان سيؤدي الى الانفراج في الجو الإقليمي والفشل سيؤدي الى الانفجار في العلاقات الإقليمية، ودعا الجميع الى تحمل مسؤولياتهم التاريخية تجاه لبنان، مشدداً على أن نقطة الارتكاز لدى الجميع استمرار التوافق على قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية ولو أن كل طرف يضع الترشيح ضمن معادلة معينة (أي أن المعارضة تطرح السلة المتكاملة بينما الأكثرية تصر على انتخاب الرئيس فوراً وبعدها يتم استمرار الحوار حول القضايا المختلف عليها)».
وانتقل موسى بعد ذلك الى العناوين المطروحة وأولها موضوع حكومة الوحدة الوطنية.
وسأله العماد عون عما اذا كان هناك من جديد في هذه النقطة، بعدما كانت الطروحات السابقة قد وصلت الى حائط مسدود.
وقال موسى إنه من دون أن يكون مكلفاً، فإنه يود معرفة رأي العماد عون في موضوع تشكيل حكومة على اساس عشرة + عشرة + عشرة.

ورد عون بأن هذا ليس طرح المعارضة، طرحنا هو على أساس الـ14 (للأكثرية) و11 (للمعارضة) و5 (لرئيس الجمهورية). وقدم شرحاً وافياً لهذه الصيغة بحيث لا يتمكن أي طرف أو لقاء طرفين من إلغاء الطرف الثالث.
وتدخل الحريري وسأل عون «ولكن صيغة 10 + 10 + 10 هي طرحكم انتم في المعارضة وليس طرحنا في الأكثرية».
ورد عون «ابداً أنا طرحي هو 14 + 11 + 5».
وهنا أخرج عمرو موسى محضراً رسمياً من ملفه قرأه على مسمع من الجميع وفيه موقف رسمي لرئيس مجلس النواب نبيه بري يعلن فيه تبني المعارضة «خيار العشرات». وقرأ محضراً تعلن فيه أيضا دمشق موافقتها على الاقتراح.
واستأذن عون الحاضرين وأجرى اتصالاً بالرئيس بري وسأله عن الأمر ورد عليه بري أن المعارضة متفقة على خيار العشرات ولكن من ضمن سلة متكاملة.
وعندما عاد عون الى الطاولة الرباعية، أعاد النائب الحريري تكرار السؤال عليه حول موافقته على العشرات. ورد عون «طالما أن الرئيس بري يعتمد الاقتراح، لنعتبره موافقة جزئية علماً أنه ليس اقتراحي، هل تريدون أن نجعله اقتراحاً مشتركاً وقاعدة للبحث في باقي المواضيع ضمن السلة المتكاملة»؟
ورد الحريري بأن هذا ليس طرح الأكثرية بل طرح المعارضة.
وتوسع السجال بين الجانبين حول هذه النقطة تحديداً وشدد عون على أنه مستعد لتبني اقتراح الرئيس بري اذا أصبح قاعدة للبحث ولكن يجب الاتفاق على باقي الأمور مسبقاً ومنها من سيتولى رئاسة الحكومة وكيف سيتم توزيع الحقائب الأساسية.
وتولى الجميل في هذه النقطة الرد على عون قائلا «هيئتك بدك تعرف كمان كل واحد شو بدو يلبس «كرافات». ما تقوله مناف للنظام الديموقراطي. هناك استشارات نيابية ملزمة وهناك أصول دستورية وأنتم تحاولون القفز فوقها كلها.
ورد عون بأن ما يطرحه ليس قفزاً فوق الدستور بل من موقع الحرص على موقع الرئاسة وألا نرمي كل المشكلات بوجه الرئيس المنتخب، نحن نتفاهم حتى يتمكن الرئيس من التقليع وألا نعطله من أول ساعة. وسأل الأكثرية عما أبقت من الدستور سواء في موضوع تعطيل المجلس الدستوري وباقي مؤسسات الدولة وكذلك عبر التدخل في القضاء الخ...
واعتبر كل من الحريري والجميّل ان انتخاب رئيس للجمهورية هو نقطة الارتكاز التي يجب الاستناد عليها وعنده يكون الحوار حول كل المشكلات والأزمات التي تحتاج الى معالجة.
وجدد كل من الحريري والجميّل سؤالهما المتكرر لعون هل تريدون انتخاب رئيس للجمهورية يوم الاثنين ام لا؟
ورد عون بأننا جاهزون شرط التوافق على السلة المتكاملة للحل. وقال إن المبادرة العربية نفسها تطورت وتحدثت عن البيان الوزاري وليس عن الرئيس والحكومة والقانون الانتخابي وهناك أزمة ثقة ويجب أن يكون التفاهم شاملاً حول كل القضايا.
ورد الجميل أنت تطرح قضايا ومشكلات عمرها ربما من عمر الاستقلال وتختصر في بناء جمهورية جديدة والكل يريد بناء دولة حديثة ولكن عندنا اليوم فراغ في الرئاسة الأولى وهذه هي الأولوية...
ورد عون بأن الاتفاق ينهي الأزمة لأننا أمام مشروع تسوية من الآن وحتى الانتخابات النيابية في صيف عام 2009 ويجب الحصول على ضمانات حول عدم استقالة رئيس الحكومة والوزراء حتى لا نتفق على أمر ويتم الانقلاب عليه في اليوم التالي، وحتى لو وافقتم على طرح الـ14 + 11 + 5 يجب أن نتفق على هذه الأمور.
وبعد أن فشل الجانبان في التوصل الى صيغة في هذه النقطة تحديداً، قال العماد عون بأن التسوية يجب أن تشمل موضوع قانون الانتخاب، وتوجه بالسؤال الى الحريري والجميل عن موقف الأكثرية من قانون الانتخاب.
وتولى الجميل الجواب قائلاً «اتفقنا على القضاء».
ورد عون «ولكن أي قضاء تريدون»؟
أجاب الجميل «هذه مسؤولية مجلس النواب».
وقال عون نريد اتفاقاً محدداً باعتماد القضاء على أساس قانون الستين.
ورد الجميل «هذا صار من التاريخ».
وقال عون إن أية تسوية شرطها موضوع قانون الستين.
وقال الجميل إن مجلس النواب ينظر في القانون وقد يتم دمج أقضية أو فصل أقضية أو تعديل في تقسيمات بيروت، ومن السابق لأوانه البت بالأمر من الآن.
وعند هذه النقطة الخلافية انفض الاجتماع وتناول الجميع طعام الغداء بضيافة المجلس النيابي الذي أعطيت أمانته العامة تعليمات من رئاسة المجلس بتوفير كل مقومات الراحة للمشاركين.
وأبلغ موسى الحاضرين أنه مضطر لمغادرة بيروت بسبب ارتباطات خارجية ووعد بالعودة في النصف الثاني من شباط، مشدداً على وجوب تهدئة الخطاب السياسي والحفاظ على الهدنة.
وخرج موسى وأدلى بتصريح للصحافيين قال فيه إنه تم الاتفاق على عقد اجتماع آخر سيحدد موعده بعد مشاورات إضافية «لأن كل الامور المطروحة دقيقة وتتعرض لنقاط من المستحسن ان يتم مناقشتها لأنها تجلي اموراً كثيرة ونتوصل من خلالها الى توافق». وأكد أنه «مضطر للسفر وسأعود لاحقاً إن شاء الله».
وقال رداً على سؤال إن المعارضة «ممثلة بالعماد عون كانت صريحة وواضحة والنقاش جرى في جو ودي كبير في إطار المبادرة العربية».
ومن مجلس النواب انتقل موسى ومساعدوه الى عين التينة حيث أبلغ الرئيس بري بمحصلة الاجتماع وقرار المغادرة، ولكنه فوجئ بموقف من الرئيس بري مفاده أنه اذا كانت الأكثرية جاهزة لاعتماد قاعدة العشرات، فإنه مستعد لتوفير النصاب لجلسة الاثنين ولو بنصاب كتلته (92 نائباً)، لكن المطلوب الحصول على جواب واضح من الأكثرية على هذه النقطة تحديداً وحول ضمان إعطاء حقيبتين سياديتين للمعارضة.
وخرج موسى من مقر الرئاسة الثانية، وأعلن انه قرر إرجاء سفره الذي كان مقرراً مساء امس لاستكمال مساعيه وجهوده.
وانتقل بعد ذلك الى السرايا الكبيرة، حيث التقى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وبعض مساعديه، وفيما اجتمع السنيورة بوفد من الأمانة العامة لقوى الأكثرية أبلغه رفضه اقتراح موسى، توجه الأمين العام الى قريطم واجتمع بالنائب الحريري والرئيس الجميل وعدد من قيادات الأكثرية وسألهم جواباً واضحاً عن سؤال الرئيس بري عما اذا كانوا مستعدين لإعطاء ضمانات واضحة في موضوع العشرات الثلاث والحقيبتين السياديتين.
وكان رد الأكثرية برفض الاقتراح رسمياً لأنه اقتراح المعارضة وإن أقصى تنازل يمكن تقديمه هو 13 + 7 + 10 وأن لا مانع في موضوع الحقيبتين السياديتين، وقال أحد أركان الأكثرية «صرنا فعلا نطالب بالثلث المعطل وهذا أمر فيه انقلاب على نتائج الانتخابات النيابية».
وعاد موسى ليلاً الى عين التينة وأبلغ الرئيس بري رسمياً قرار الأكثرية بعدم الموافقة وأبلغه أنه قرر المغادرة ليلاً أو فجراً الى القاهرة وأنه سيعود بعد انتهاء ذكرى 14 شباط وأن الاجتماع التالي سيعقد في الثلث الأخير من شباط، على أن يعلن بري تأجيل جلسة الاثنين وتحديد موعد جديد لها في مطلع آذار المقبل.
وفي وقت لاحق، أصدرت الأمانة العامة لقوى 14 آذار بيانا «ردا على ما ورد في مطلع بعض نشرات الاخبار المتلفزة» أكدت فيه تمسكها بالمبادرة العربية واتهمت «الأقلية النيابية على لسان العماد ميشال عون بالإصرار على الثلث المعطل واعتبارها ان حتى طرح عشرة ـ عشرة ـ عشرة انما هو طرح جزئي للمعارضة». وقالت انه «بغض النظر عن المعادلة الرقمية في حكومة الوحدة الوطنية، فإن الاقلية النيابية اعلنت ان لديها جملة شروط من خارج المبادرة العربية، من ضمنها توزيع عدد من الحقائب ومواصفات رئيس الحكومة المقبل». واعتبرت قوى 14 آذار «ان كل ما يروج خلاف ذلك لا يعدو كونه مناورة سياسية وإعلامية مكشوفة تستهدف النيل من ذكرى 14 شباط، وهي مناورة لن ترتد الا على اصحابها».
وفيما رفضت المعارضة بكل أطيافها التعليق على ما تم تسريبه، علمت «السفير» أن اجتماعا عقد في الرابية ضم العماد عون والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا والنائب علي حسن خليل ومسؤول الصلات السياسية في «التيار الحر» المهندس جبران باسيل. وتقرر خلاله عدم إصدار أي موقف على أن يطل العماد عون اليوم في مؤتمر صحافي يرد فيه على حملة الأكثرية التي عبر عنها بيان الأمانة العامة، فيما ينتظر أن يعلن «حزب الله» موقفه اليوم بلسان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم.
واتهمت أوساط مقربة من العماد عون الأكثرية بتزوير الوقائع وقالت تعليقا على اجتماع الأمس: «لقد بدوا واضحين انهم مثل «الديجانتير»... فوق العشرة بيْتك».
وفي المقابل، من المتوقع أن يتحدث النائب الحريري عن وقائع الاجتماع، عبر شاشة «المستقبل» مساء اليوم، فيما لم يعرف ما اذا كان الرئيس الجميل سيعلن موقفه، حيث اكتفت أوساطه ليلاً بتحميل العماد عون «مسؤولية إبقاء الباب مقفلاً امام الحلول».
وقالت المصادر نفسها ان عمرو موسى «كان يطرح افكارا وفرضيات للحل وكان معظم النقاش يدور بينه وبين عون. وبدا واضحاً ان عون كان سلبيا ورافضا لكل المقاربات، حتى ان موسى سأله اذا كان مستعدا لانتخاب رئيس للجمهورية يوم الاثنين المقبل في حال اعطيت المعارضة الثلث المعطل فرد عون بالنفي قائلا انه لا ينتخب رئيساً ولو اعطيت المعارضة الثلث المعطل لأنه بحاجة الى ضمانات اضافية ومنها الاتفاق على اسم رئيس الحكومة العتيدة وتوزيع الحقائب الأساسية والحصص فيها».
الى ذلك، أكد البطريرك الماروني نصر الله صفير ان «استقالته غير واردة اطلاقا» مؤكداً في حديث لـ«المسيرة» ينشر اليوم، ان عودة سوريا الى لبنان «محتملة اذا كان لديها مَن يسهل هذه العودة».
وأكد صفير انه لم يغير قوله بأن العماد عون «زعيم» لا بل عون هو الذي تغير، لافتاً من جهة اخرى الى ان «حزب الله» مشكلة والدولة لا تحتمل وجود جيشين فيها، مشيراً الى ان قائد الجيش «سيسقط كمرشح توافقي في حال بدلوا رأيهم فيه».
وجدد صفير رفضه خيار النصف زائداً واحداً لأنه يستتبع ردود فعل كمثل انتخاب رئيس آخر، وحذر بأنه «اذا بقي البلد سائبا على هذا النحو فمن واجب الامم المتحدة ان تضع ضوابط وقد يعينون حاكما باسمهم».

السبت 9/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع