قصص قصيرة جدًا



// وهلة

فوجئ حين رأى حبيبته القديمة مع رجل آخر في مقهاه المفضل. تمالك نفسه، أومأ لها برصانة باردة وجلس في الطرف البعيد من البار وطلب قهوته المعتادة.
أشعل سيجارة وسحب إليه منفضة سوداء كبيرة من وسط البار. تأمّل النادل وهو يعتصر قطرات القهوة من الماكينة. "لا بأس"، حاوَلَ إقناع نفسه، "هذا الرجل، هو أيضًا مع امرأة أخرى".


// قداس وجناز


ردّد الكاهن ابتهالات الرحمة بصوته الزجاجي. كان ينظر إلى الرجل الراقد أمامه ويفكّر في الحساء التعيس الذي ينتظره بعد قليل.
اثنتان من النسوة في المقاعد الخلفية تهامستا حول ابن عم الأرملة الأعزب. وتساجل رجلان حول مبلغ بوليصة تأمين الحياة.
في ساحة الكنيسة، كان ثمة فتى مُطرقًا. "ضحكوا عليّ يابا"، تمتم مكفكفًا دموعه، "قالولي إنك طالع عند يسوع".

// ألم


ربّتت أمها على كتفها قبل أن يسلـِّـمها أبوها لزوجها. كانت الكدمات الزرقاء والحمراء ما زالت ترقّط جسدها المحني عند عتبة البيت.
كانت كتفها تؤلمها بشدّة. ولكن شيئًا في صدرها كان يؤلمها أكثر.

// نهاية


هذه هي النهاية، قال، دون أن يحرّك شفتيه، من وراء الزجاج السميك الذي يفصله عن الدرج الكهربائي.
لوّحت بيدها وبدأ جسدها يصعد ببطء. أغمضت عينيها وذرفت دمعة انسابت إلى طرف فمها: هذه هي النهاية.
ظلت النهاية ممسوحةً على المعبر المعدنيّ الذي تعانقا عنده. وكتب رجل أمن المطار في تقريره اليوميّ أنه سمعها تقول "هذه ليست أنا.. إنها أنتم".

// لغة


عاد إلى المدينة قبل منتصف الليل بقليل. ذهب إلى شقته القديمة وقرع الباب. فتحت له عجوز روسيّة. حاول سؤالها عن الطاولة الخشبية القديمة التي كتب عليها قصائده الأولى.
لم يَجدا لغة مشتركة.. فهي لم تُجِد غير لغة الخوف. وهو، لم يُجِد غير لغة الحنين.

رجا زعاترة
السبت 9/2/2008


© كافة الحقوق محفوظة للجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة
حيفا، تلفاكس: 8536504-4-972

صحيفة الاتحاد: هاتف: 8666301 - 04 | 8669483 - 04 | فاكس: 8641407 - 04 | بريد الكتروني:aletihad.44@gmail.com

* المقالات والتعليقات المنشورة في موقع الجبهة تعبر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع